السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس المقصود من قول الإمام مالك (ما أرى بذلك بأسا في الدين) هو مشروعية التزاوج بين الإنس والجن، ولكن مقصوده أنه لم يجد نص شرعي في الدين يستدل به على تحريم هذا الزواج، فهو من الأمور المسكوت عنها لغياب الدليل من النص الشرعي، وهذا السكوت عنه يدخل حكم المسألة في عداد المباحات التي سكت عنها الشرع.
لذلك ففي الشطر الثاني من كلام الإمام مالك اجتهد لغياب الدليل الشرعي، فأقام دليل عقلي يحتج به على من ذهب لأباحة هذا النكاح، وهذه شبهة يرد بها على من قال بالإباحة لغياب الدليل، طالما لم يأتي دليل حل أو دليل تحريم، فهو احتج هنا على أنه من المباحات التي سكت عنها الشرع، فلو جاز في حكمه الإباحة لكان فيه شبهة كراهة.
لذلك تجده يذكر الكراهة ولم يذكر التحريم فقال: (ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل قيل لها ...) وهذا منتهى العدل من الإمام مالك في الحكم على المسألة، فلم يقل بالتحريم لغياب الدليل، ولم يقم بالحل لغياب الدليل أيضا، ولكنه أقام شبهة الكراهة ردا على جواز الإباحة، وهذه مسألة يدركهها الفقهاء ,اهل اللاجتهاد من الأمة.
وقد ذهب بعض أهل العلم على قصور التزاوج بين بني الجنس الواحد ختى تتحقق السكينة التي تفقد مع وجوجد جنس آخر فائق القدرات، وذهبوا إلى الاستدلال بقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21).
وقال تعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (النحل: 72).
واضيف إلى هذا ما بلغني أن العلماء العدول عند الجن المسلمين لا يستحلون التزاوج بين الإنس والجن، وإن كان من الممكن تمام المعاشرة الجنسية بينهما، إلا أن إمكان المعاشرة بينهما ليس دليل على الإباحة والحل.
هذا ما أعلم والله تعالى أعلى وأعلم