الاشتغال
تعريفه : هو انشغال العامل المتعدي بالعمل في ضمير يعود على الاسم المتقدم ، أو بما يلابس ضميره . نحو : محمدا أكرمته . وواجبك اكتبه .
163 ـ ومنه قوله تعالى : { وكل شيء فصلناه تفصيلا }1 .
وقوله تعالى : { والجبال أرساها }2 .
وقوله تعالى : { والقمر قدرناه منازلا }3 .
24 ـ ومنه قول عمرو بن كلثوم :
ملأنا البر حتى ضاق عنا وماء البحر نملؤه سفينا
ومثال انشغال الفعل بما يلابس ضمير الاسم المتقدم قولنا : صديقك أحسن وفادتَه , وعدوك اقطع دابره .
وفي هذه الحالة نقدر فعلا ملائما للمعنى . نحو : أكرم صديقك أحسن وفادته .
ومما تجدر الإشارة إليه أن الاسم المتقدم على الفعل في الأمثلة السابقة ، لا نقطع فيه النصب بفعل محذوف يفسره ما بعده . إذ يجوز فيه الرفع على الابتداء ، والجملة بعده في محل رفع خبر ، إلا إذا توفرت فيه شروط معينة وجب فيه النصب .
فـ " محمدا " يجوز أن نعربه مفعول به لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور ، والتقدير : أكرمت محمدا أكرمته ، واكتب واجبك اكتبه ، وفصلنا كل شيء فصلناه ، وأرسى الجبال أرساها ، وقدرنا القمر قدرناه ، ونملأ ماء البحر نملؤه .
ويجوز أن نعربه مبتدأ ، والجملة بعده في محل رفع خبر .
ــــــــــــــــــ
* قسم من أقسام المفعول به المحذوف عامله .
1 ـ 12 الإسراء . 2 ـ 32 النازعات .
3 ـ 39 يس .
أولا ـ المواضع التي يتعين فيها وجوب النصب للاسم المشغول عنه : ــ
يجب نصب الاسم المشغول عنه بفعل محذوف وجوبا يفسره الفعل المذكور إذا وقع بعد الأدوات التي تختص بالفعل . كأدوات الاستفهام ما عدا الهمزة ، وأدوات الشرط ، والتخصيص ، والعرض .
مثال الاستفهام : هل الواجب عملته ؟ وهل الخير فعلته ؟
مثال الشرط : إن محمدا صادفته فسلم عليه .
وإن درسك أهملته عاقبتك .
والتحضيض نحو : هلاّ الحق قلته . هلاّ العمل أتقنته .
والعرض نحو : ألا صديقا تزره ، ألا العاجز ساعدته .
ثانيا ـ المواضع التي يتعين فيها وجوب الرفع :
يجب رفع المشغول عنه إذا وقع مبتدأ ، وذلك في ثلاثة مواضع :
1 ـ بعد إذا الفجائية . نحو : خرجت فإذا الشوارع تغمرها السيول .
الشوارع : مبتدأ ، ولا يصح أن تكون مفعولا به لفعل محذوف ، لأن إذا الفجائية لم يوليها العرب إلا مبتدأ أو خبر .
164 ـ نحو قوله تعالى : { فألقاها فإذا هي حية تسعى }1 .
وقوله تعالى : { فإذا لهم مكر في آياتنا }2 .
فـ " إذا " الفجائية لا يقع بعدها إلا الجملة الاسمية {3} .
فإن نصبنا بعدها الاسم بفعل محذوف امتنع ذلك ، لأنها لا تختص بالدخول على الأفعال .
وعلى عكسها " إذا " التي للجزاء ، فهي لا تختص إلا بالدخول على الأفعال ، لأن
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 20 طه . 2 ـ البرهان في علوم القرآن ج4 ص194 .
3 ـ انظر كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1 ص 66 .
الجزاء لا يكون إلا بالفعل {1} .
165 ـ نحو قوله تعالى : { إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين }2 .
وقوله تعالى : { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة }3 .
فإن جاء بعدها اسم رفعناه على تأويل فعل محذوف .
166 ـ نحو قوله تعالى : { وإذا الموءودة سئلت }4 .
وقوله تعالى : { وإذا الجنة أزلفت }5 . وقوله تعالى : { إذا الشمس كورت }6 .
والتقدير : فإذا سئلت الموءودة ، وقس عليه .
2 ـ بعد واو الحال . نحو : وصلت والشمس مائلة للمغيب .
ونحو : صافحت محمدا وخالد يبتسم . وينام الناس والجندي تسهر عيناه .
3 ـ قبل ما له الصدارة كأدوات الاستفهام ، أو الشرط ، أو التحضيض ، أو كم الخبرية ، أو لام الابتداء ، أو ما النافية ، أو ما التعجبية ، أو إن وأخواتها .
نحو : القلم هل أعدته لصاحبه ، والكتاب هل قرأته .
ونحو : محمد إن يحضر فبلغه تحياتي ، والدرس متى تحفظه تنجح .
ونحو : القصة هلاّ قرأتها ، والمقالة هلاّ كتبتها .
ونحو : عليّ كم أحسنت إليه ، وعبد الله كم جالسته .
ونحو : الكتاب لأنا اشتريته ، والواجب لأنا حللته .
ونحو : الكذب ما قلته ، والشر ما فعلته .
ونحو : الجو ما ألطفه ، والسماء ما أجملها .
ونحو : يوسف إني أكرمه ، وأخون لعلي أعرفه .
فلأسماء في الأمثلة السابقة ، والواقعة قبل ما له الصدارة جاءت مبتدآت ، والجمل بعدها في
ـــــــــــــــــــــــ
1 ـ الأزهية للهروي ص204 . 2 ـ 15 القلم .
3 ـ 34 الأعراف . 4 ـ 8 التكوير .
5 ـ 13 التكوير . 6 ـ 1 التكوير .
محل رفع أخبار لها ، ولا يصح نصب تلك الأسماء بأفعال محذوفة يدل عليها الأفعال المذكورة ، لأن الأفعال الواقعة بعد الأدوات السابقة لا تعمل فيما قبل تلك الأدوات ، وما لا يعمل لا يفسر عاملا .
ثالثا ـ المواضع التي يتعين فيها ترجيح النصب :
يرجح نصب المشغول عنه في ثلاثة مواضع هي :
1 ـ أن يقع بعد الاسم المشغول عنه فعل طلبي : أمر ، أو نهي ، أو دعاء .
نحو : الدرس احفظه ، والصديق أكرمه .
ونحو : الواجب لا تهمله ، والكتاب لا تمزقه .
ونحو : عليا هداه الله ، وأحمد سامحه الله ، واللهم أمري يسره .
2 ـ أن يقع الاسم بعد : حتى ، وبل ، ولكن الابتدائيات .
نحو : صافحت الحاضرين حتى محمدا صافحته .
ونحو : ما عاقبت عليا ولكن يوسف عاقبته .
ونحو : ما شربت الشاي بل اللبن شربته .
3 ـ أن يقع بعد همزة الاستفهام . نحو : أ الكتاب قرأته ، وأمحمدا كافأته .
167 ـ ومنه قوله تعالى : { أ هؤلاء من الله عليهم من بيننا }1 .
وقوله تعالى : { قالوا أ بشرا منا واحدا نتبعه }2 .
4 ـ أن يقع الاسم جوابا لمستفهم عنه منصوب . نحو : عليا استقبلته .
في جواب من سأل : من استقبلت ؟
ونحو : التمر أكلته . في جواب : ماذا أكلت ؟
5 ـ أن يعطف الاسم المشغول عنه على جملة فعليه عمل فعلها النصب فيما بعده . نحو : شاهدت محمدا وعليا صافحته ، عاقبت المهمل والمجتهد كافأته .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 53 الأنعام . 2 ـ 24 القمر .
168 ـ ومنه قوله تعالى : { ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك }1 .
فـ " رسلا " الثانية أجاز فيها النحاة النصب بفعل مضمر يفسره ما بعده .
وقوله تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم }2 .
وقوله تعالى : { يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما }3 .
فـ " الجان ، والظالمين " كل منهما مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده ، لعطفه على ما عمل فيه الفعل " خلقنا " وهو كلمة " الإنسان " ، والفعل " يدخل " ، ومعموله اسم الموصول " من " ، وتقدير الأفعال المحذوفة في الآيات الثلاث السابقة هي : وقصصنا رسلا ، وخلقنا الجان ، ويعذب الظالمين .
ومنه قول ضبع الفزاري :
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أمــلك رأس البعيـــر إن نفــرا
والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
الشاهد قوله : والذئب أخشاه . فنصب الذئب باعتباره مفعول به لفعل محذوف يفسره الفعل أخشى ، لأنه عطف على الجملة الفعلية في البيت الأول ، والتي نصب فيها الفعل مفعولا به وهي : لا أحمل السلاح ، ولا أملك رأس البعير .
والتقدير : وأخشى الذئب .
رابعا المواضع التي يتعين فيها ترجيح الرفع : ـ
يترجح رفع الاسم المشغول عنه في غير المواضع السابقة ، أي إذا لم يكن ما يوجب نصبه ، أو يرجحه ، أو يوجب رفعه .
نحو : المجتهد كافأته ، والمهمل عاقبته .
فقد رجح النحاة في الاسم الواقع قبل الفعل كما هو واضح في الأمثلة السابقة الرفع
ــــــــــــــــــــ
1 ـ 164 النساء . 2 ـ 31 الإنسان .
على الابتداء ، والجملة بعده في محل رفع خبر .
وقد أجاز بعضهم نصبه على الاشتغال . فنقول : المجتهدَ كافأته . بنصب المجتهد ، ومحمدا أكرمته .
169 ـ ومنه قوله تعالى : { ذلك نتلوه عليك من الآيات }1 .
فـ " ذلك " جاز فيها أن تكون في موضع على الابتداء ، وهو الأرجح ، والنصب على الاشتغال ، وهو المرجوح .
ومنه قوله تعالى : { أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما }2 .
جاز في " أولئك " الرفع لأنها مبتدأ ، وخبره الجملة الفعلية ، وجاز فيه النصب بإضمار فعل يفسره ما بعده فيكون من باب الاشتغال . إير أن الوجه الأول أرجح .
وقد عللوا رجحان الوجه الأول بقولهم : أن من يقل : زيد ضربته . أفصح وأكثر شيوعا من قولهم : زيدا ضربته . بالنصب ، ولن معمول ما بعد حرف الاستقبال مختلف في جواز تقديمه في نحو : سأضرب زيدا ، وإذا كان كذلك فلا يجوز الاشتغال ، فالأجود الحمل على ما لا خلاف فيه {3} .
ومنه قوله تعالى : { وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به }4 .
فـ " ذلكم " يجوز فيها الرفع على الابتداء ، وخبره جملة وصاكم ، أو مفعول به منصوب على الاشتغال . والوجه الأول أحسن لما بينا آنفا من ترجيح الرفع على النصب في مثل هذه المواضع ، فتدبر ، والله أعلم .
خامسا ـ جواز الرفع والنصب :
يجوز في الاسم المشغول عنه الرفع والنصب إذا عطفنا على الجملة ذات الوجهين
والمقصود بالجملة ذات الوجهين : أنها الجملة التي صدرها اسم وعجزها فعل ،
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ 58 آل عمران . 2 ـ 162 النساء .
3 ـ البحر المحيط ج3 ص396 وما بعدها .
4 ـ 152 الأنعام .
فهي اسمية باعتبارها مبتدأ وخبر ، وفعلية باعتبارها مختومة بفعل ومعموله {1} .
نحو : محمد مسافر وعليٌّ أو عليا أنزلته عندي .
ونحو : خالد أخفق وإبراهيمَ أو إبراهيمُ كافأته .
ومنه قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل }2 .
170 ـ وقوله تعالى : { والنجم والشجر يسجدان والسماء رفعها ووضع الميزان }3 .
فقد قرئ " القمر " بالرفع على الابتداء ، وقرئ بالنصب على الاشتغال {4} .
وقال العكبري : إنه في رواية الرفع محمول على " آية " ، أو على و الشمس {5}
أما " السماء " فقد قرأها الجمهور بالنصب على الاشتغال ، وقرأ أبو السمال بالرفع مراعيا مشاكلة الجملة الابتدائية ، أما الجمهور فقد راعوا مشاكلة الجملة التي تليه وهي " يسجدان " {6} .
تنبيهات وفوائد :
1 ـ يجوز النصب على الاشتغال لاسم الموصول المشبه بالشرط الذي دخلت في خبره الفاء . 171 ـ نحو قوله تعالى : { واللذان يأتيانها منكم فآذوهما }7 .
وقوله تعالى : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم }8
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ شرح ألفية ابن مالك لابن الناظم ص240 .
2 ـ 38 ، 39 يس . 3 ـ 6 ، 7 الرحمن .
4 ـ البحر المحيط ج7 ص 325 .
5 ـ العكبري ج2 ص 105 .
6 ـ البحر المحيط ج8 ص 189 ، والعكبري ج2 ص 123 .
7 ـ 16 النساء . 8 ـ 15 النساء .
ففي الآيتين السابقتين أجري الموصولان " اللذان ، و اللاتي " مجرى الشرط بدخول الفاء في الفعل " فاستشهدوا " ، و الفعل " فآذوهما " لذلك لا يجوز أن ينتصب كل من الموصولين السابقين بإضمار فعل يفسره ما بعده ، ويكون ذلك من باب الاشتغال ، لأن كلا من الفعلين المذكورين لا يصح أن يعمل في الاسم الموصول لجريانه مجرى فعل الشرط .
وقال العكبري : لا يجوز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها في مثل هذا الموضع يعني الموضع السابق ـ ولو عري من ضمير المفعول ، لأن الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في جواب الشرط ، وتلك تقطع ما بعدها عما قبلها {1} .
وبناء على ما تقدم يعرب اسم الموصول في كل من الآيتين السابقتين مبتدأ ، وخبره في الآية الأولى : الجملة الفعلية " فاستشهدوا ... إلخ " مع جواز دخول الفاء زائدة على الخبر على رأي الجمهور ، لأن المبتدأ أشبه بالشرط في كونه موصولا عاما صلته فعل مستقبلي . ويجوز أن يكون الخبر محذوفا تقديره : فيما يتلى عليكم حكم اللاتي ، فحذف الخبر ، والمضاف إلى المبتدأ لدلالته عليهما ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، ونظيره ما تمثل به سيبويه في قوله تعالى :
{ الزانية والزاني فاجلدوا }2 .
172 ـ وقوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا }3 .
وما قيل في الآية الأولى يقال في الآية الثانية .
وقد أجاز البعض النصب على تقدير إضمار فعل يفسره الخبر ، ويقبح أن يفسره ما في
الصلة {4} .
2 ـ ذكرنا فيما سبق في تعريف الاشتغال أن بتقدم اسم ، ويتأخر عنه فعل ، أو وصف صالح للعمل فيما قبله منشغل عن العمل فيه بالعمل في ضميره ، أو ملابسه . إلا أن بعض الأفعال لا يصلح
ــــــــــــــــــــــــ
1 ـ إملاء ما من به الرحمن ج1 ص 96 . 2 ـ 2 النور .
3 ـ 38 المائدة . 4 ـ مشكل إعراب القرآن ج1 ص 193 .
أن يكون ناصبا للاسم المتقدم عليه ولو لم يشغل عنه بضميره ، وذلك كالأفعال الواقعة شرطا ، أو جوابا ، أو كانت جامدة مسبوقة بما التعجبية ، وقد ذكرنا ذلك في موضعه ، وكذلك الفعل الواقع صفة .
173 ـ نحو قوله تعالى : { وكل شيء فعلوه في الزبر }1 .
فـ " كل " وجب فيها الرفع على الابتداء ، لأن الصفة لا تعمل فيما قبلها ، وما لا يعمل لا يفسر عاملا {2} .
فالجملة الفعلية في محل رفع صفة لكل {3} . و " في الزبر " في محل رفع خبر .
3 ـ إن العامل المنشغل بضمير الاسم المتقدم عليه ، إما أن يكون فعلا كما في جميع الأمثلة الواردة في هذا الباب ، وقد يكون شبيها بالفعل في عمله ، كالأوصاف المشتقة من الفعل كاسم الفاعل ، واسم المفعول إذا جاءا بمعنى الحال ، أو الاستقبال ، وألا يقعا صلة " لأل " لامتناع عمل الصلة فيما قبلها ، وما لا يعمل لا يفسر عاملا ، وعليه امتنع تفسير الصفة المشبهة ، فلا يجوز نحو : خالدا أنا الضاربه . ولا : وجه الأب محمد حسنه .
ومن الأمثلة على الأوصاف التي توفرت فيها شروط العمل قولنا : محمدا أنا ضاربه . وعليا أنت أكرمته .
4 ـ إذا وقع الفعل جوابا للقسم فلا يفسر عاملا ، لذلك يجب رفع الاسم المتقدم .
نحو : المجتهد والله لأكافئنه ، والمهمل والله لأعاقبنه .
174 ـ ومنه قوله تعالى : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم }4 .
وقوله تعالى : { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة }5.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 52 القمر . 2 ـ حاشية الصبان على شرح الأشموني ج2 ص 80 .
3 ـ شرح الكافية للرضي ج1 ص 178 .
4 ـ 7 العنكبوت . 5 ـ 41 النحل .
فـ " المهمل ، والمجد ، والذين " في الآيتين السابقتين وجب في كل منها الرفع على الابتداء ، وجملة جواب القسم في محل رفع خبر .
ذكر ذلك صاحب شرح الكافية فقال : " وكذا جواب القسم لا يعمل فيما قبل القسم ، فيجب الرفع في مثل : زيد والله لأضربنه ، لأن القسم له صدر الكلام لتأثيره في الكلام " {1} . ولكن البعض أجاز النصب بفعل محذوف يدل عليه الفعل المذكور ، وهو غير صحيح لأن جواب القسم لا يفسر ما قبله فانتبه .
5 ـ إذا فصلت " إلا " بين الفعل المتأخر عنها ، العامل في ضمير الاسم المتقدم عليها ، امتنع بصب الاسم على الاشتغال . نحو : ما كتاب إلا قرأته . وما عمل إلا أنجزته .
فـ " كتاب ، وعمل " كل منهما واجب الرفع على الابتداء ، والجملة الفعلية في محل رفع خبره ، ولا يصح نصبه على الاشتغال ، لأن ما بعد " إلا " لا يعمل فيما قبلها ، وعلة ذلك أن ما بعد " إلا " من حيث الحقيقة جملة مستأنفة ، لكن صيرت الجملتان في صورة جملة قصرا للاختصار ، فاقتصر على عمل ما قبل إلا فيما يليها فقط ، ولم يجز عمله فيما بعده على الأصح {2} .
وما لا يعمل لا يفسر عاملا .
6 ـ يرجح رفع الاسم المشغول عنه إذا وقع بعد " أما " الفصلية .
175 ـ نحو قوله تعالى : { وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفينهم أجورهم }3 . وقوله تعالى : { فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا }4 .
فـ " الذين " في الآيتين يرجح فيهما الرفع على الابتداء ، وجملة : فيوفينهم ... إلخ خبر في الآية الأولى ، وجملة : فأعذبهم ... إلخ خبر في الآية الثانية .
وجوز البعض النصب على الاشتغال بفعل محذوف يفسره المذكور {5} .
ـــــــــــــــــــــــ
1 ، 2 ـ شرح الكافية ج1 ص 165 . 3 ـ 57 آل عمران .
4 ـ 56 آل عمران . 5 ـ البحر المحيط ج2 ص 475 .
7 ـ يشترط في الاسم المشتغل عنه أن يكون معرفة حتى يصح الابتداء به ، كما
مر معنا في الأمثلة السابقة في باب الاشتغال . نحو : هل الكتاب قرأته ؟
وهل عليا قابلته ؟ فإن جاء الاسم نكرة محضة أول بمعرفة .
176 ـ نحو قوله تعالى : { وأخرى تحبونها }1 .
فـ " أخرى " صفة لموصوف محذوف ، والتقدير : النعمة ، أو المثوبة الأخرى .
وأما قوله تعالى { ورهبانية ابتدعوها }2 .
فلا يصح في " رهبانية " النصب على الاشتغال ، لأنها نكرة لا تصلح للابتداء ، والجملة بعدها صفة .
وجاز الاشتغال فى قوله تعالى : { ورسلا قد قصصناهم عليك }3 .
لأنه موضع تفضيل {4} .
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ 13 الصف . 2 ـ 27 الحديد .
3 ـ 164 النساء . 4 ـ البحر المحيط ج3 ص 398 .
نماذج من الإعراب
163 ـ قال تعالى : { وكل شيء فصلناه تفصيلاً } 12 الإسراء .
وكل شيء : الواو حرف عطف ، وكل مفعول به منصوب على الاشتغال لفعل محذوف يفسره ما بعده لانشغال الفعل الثاني في العمل في الضمير المتصل به العائد على المفعول به المقدم ، وكل مضاف ، وشيء مضاف إليه ، ورجح نصبه لتقدم جملة فعلية عليه .
فصلناه : فعل وفاعل ومفعول به . تفصيلاً : مفعول مطلق منصوب بالفتحة .
24 ـ قال الشاعر :
ملأنا البر حتى ضاق عنا وماء البحر نملؤه سفينا
ملأنا : فعل وفاعل . البر : مفعول به ، وجملة ملأنا لا محل لها من الإعراب مستأنفة . حتى ضاق : حتى حرف جر وغاية بعدها " ان " مضمرة وجوبا ، وضاق فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو .
عنا : جار ومجرور متعلقان بضاق . والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل ضاق في تأول مصدر مجرور بحتى ، وشبه الجملة متعلق بملأنا ، والبعض يرى أن حتى في هذا الموضع حرف ابتداء والجملة الفعلية بعده مستأنفة ، والوجه الأول أقوى معنى . وماء البحر : الواو حرف عطف ، وماء يجوز فيه الرفع والنصب ، فالرفع على الابتداء ، والجملة الفعلية بعده في محل رفع خبره ، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الفعلية السابقة لا محل لها من الإعراب
مثلها . والنصب على أنه مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده ، وتكون الجملة فعليه معطوفة على مثلها ، والتقدير : ونملأ ماء البحر وماء مضاف ، والبحر مضاف إليه .
نملؤه : نملأ فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : نحن ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به . والجملة الفعلية في محل رفع خبر لماء على رواية الرفع ، ولا محل لها من الإعراب على رواية النصب ، لأنها مفسرة . سفينا : تمييز منصوب بالفتحة .
164 ـ قال تعالى : { فألقاها فإذا هي حية تسعى } 20 طه .
فألقاها : الفاء واقعة في جواب الأمر ، وألقى فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو ، وهاء الغائب في محل نصب مفعول به .
فإذا : الفاء حرف عطف ، وإذا فجائية لا عمل لها ، ويجوز فيها الاسمية والحرفية على خلاف بين النحاة .
هي : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ . حية : خبر مرفوع بالضمة .
تسعى : فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هي .
وجملة تسعى في محل رفع خبر ثان لهي ، أو في محل نصب حال من حية .
وهذه المسألة فيها خلاف بين سيبويه والكسائي عرفت بالمسألة الزنبورية .
وجملة إذا معطوفة على ما قبلها .
165 ـ قال تعالى : { إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين } 15 القلم .
إذا : إذا ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط متعلق بجوابه .
تتلى : فعل ماض مبني للمجهول . عليه : جار ومجرور متعلقان بتتلى .
وجملة تتلى في محل جر بإضافة إذا إليها .
آياتنا ك نائب فاعل ، وآيات مضاف ، ونا المتكلمين في محل جر بالإضافة .
قال : فعل ماض ن والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو ، وجملة قال لا محل لها من الإعراب لأنها جواب لشرط غير جازم .
أساطير : خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هي أساطير ، وأساطير مضاف .
الأولين : مضاف إليه مجرور بالياء .
166 ـ قال تعالى : { وإذا الموءودة سئلت } 8 التكوير .
وإذا : الواو حرف عطف ، وإذا ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط متعلق بجوابه ، وجوابها " علمت نفس " .
الموءودة : نائب فاعل لفعل مقدر يفسره ما بعده ، وإلى هذا جنح الزمخشري ومنع أن يرفع
بالابتداء ، لأن إذا تتقاضى الفعل لما فيها من معنى الشرط ، ولكن ما منعه الزمخشري من وقوع المبتدأ بعد إذا أجازه الكوفيون والأخفش من البصريين .
سئلت : فعل ماض مبني للمجهول ، والتاء للتأنيث ، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هي يعود على الموءودة .
وجملة إذا معطوفة على ما قبلها .
167 ـ قال تعالى : { أ هؤلاء منّ الله عليهم من بيننا } 53 الأنعام .
أ هؤلاء : الهمزة للاستفهام التقريري والتهكمي ، وهؤلاء اسم إشارة في محل رفع مبتدأ .
منّ : فعل ماض . الله : لفظ الجلالة فاعل ، والجملة في محل رفع خبر هؤلاء ، وجملة أ هؤلاء وما بعدها في محل نصب مقول القول السابق .
عليهم : جار ومجرور متعلقان بمن .
من بيننا : جار ومجرور ، ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلق بمحذوف في محل نصب حال .
ويجوز أن نعرب هؤلاء مفعول به في محل نصب على الاشتغال بفعل محذوف يفسره الفعل الظاهر العامل في ضميره بوساطة حرف الجر " على " ، ويكون المفسر من حيث المعنى لا من حيث اللفظ ، والتقدير : أ فضل الله هؤلاء ومن عليهم ، وتكون جملة من الله عليه لا محل لها من الإعراب لأنه مفسرة ، وإنما صاغ هذا الوجه وفضله الكثيرون لأنه ولي همزة الاستفهام وهي أداة يغلب مجيء الفعل بعدها .
168 ـ قال تعالى : { ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك }164النساء.
ورسلاً : الواو حرف عطف ، ورسلاً مفعول به لفعل محذوف معطوف على أوحينا تقديره وآتينا . قد : حرف تحقيق .
قصصناهم : فعل وفاعل ومفعول به ، والجملة في محل نصب صفة لرسلاً .
عليك : جار ومجرور متعلقان بقصصنا .
من قبل : جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال .
ورسلا : الواو حرف عطف ، والجملة معطوفة على ما تقدم .
169 ـ قال تعالى : { ذلك نتلوه عليك من الآيات } 58 آل عمران .
ذلك : اسم إشارة في محل رفع مبتدأ .
نتلوه : فعل وفاعل ومفعول به ، والجملة في محل رفع خبر .
عليك : جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال .
ويجوز أن يكون اسم الإشارة مبتدأ ، وجملة نتلوه في محل نصب على الحال .
من الآيات :جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر .
ويجوز في اسم الإشارة أن يكون في محل نصب على الاشتغال ، والوجه الأول أرجح .
170 ـ قال تعالى : ( والنجم والشجر يسجدان والسماء رفعها ) 6 الرحمن .
والنجم : الواو حرف عطف ، والنجم مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة .
والشجر : الواو حرف عطف ، والشجر معطوف على القمر .
يسجدان : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، والواو فاعل ، والجملة في محل رفع خبر النجم ، وجملة النجم معطوفة على ما قبلها .
والسماء : مفعول به بفعل محذوف يفسره ما بعده ، والتقدير : ورفع السماء .
والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها .
رفعها : رفع فعل ماض والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به ، والحملة لا محل لها من الإعراب مفسرة لما قبلها .
171 ـ قال تعالى : ( واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ) 16 النساء .
واللذان : الواو حرف عطف ، واللذان اسم موصول مبتدأ مرفوع بالألف لأنه يعرب إعراب المثنى . يأتيانها : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وألف الاثنين في محل رفع فاعل ، وهاء الغائب العائد على الفاحشة في محل نصب مفعول به ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
منكم : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب حال .
فآذوهما : الفاء رابطة ، وآذوا فعل أمر مبني على حذف النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، والهاء في محل نصب مفعول به ، والجملة في محل رفع خبر اللذان .
172 ـ قال تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) 38 المائدة .
والسارق : الواو حرف استئناف ، والسارق مبتدأ مرفوع ، وخبره محذوف ، والتقدير : فيما فرض عليكم السارق والسارقة ، أي : حكمهما . فحذف المضاف الذي هو " حكم " ، وأقيم المضاف إليه مقامه وهو السارق والسارقة ، وحذف الخبر وهو الجار والمجرور ، لأن الفاء بعده تمنع من نصبه على الاشتغال كما هي القاعدة ، إذ يترجح النصب قبل الطلب وهي أي : الفاء التي جاءت لشبهه بالشرط تمنع أن يكون ما بعدها الخبر ، لأنها لا تدخل عليه أبدا ، فلم يبق إلا الرفع .
ويرى الأخفش والمبرد وجماعة أن الخبر هو الجملة الأمرية " فاقطعوا " ، وإنما دخلت الفاء في الخبر ، لأنه يشبه الشرط ، لأن الألف واللام في كلمة السارق والسارقة موصولة بمعنى الذي والتي ، والصفة صلتها . وقد أجاز الزمخشري ذلك ، وإن رجح ما ارتآه سيبويه .
وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها من الإعراب مستأنفة . والسارقة : الواو عاطفة ، والسارقة معطوفة على السارق مرفوعة .
فاقطعوا : الفاء واقعة في جواب " أل " الموصولة ، واقطعوا فعل أمر مبني على حذف النون ، والواو في محل رفع فاعل . أيديهما : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وأيدي مضاف ، والضمير في محل جر بالإضافة .
173 ـ قال تعالى : ( وكل شئ فعلوه في الزبر ) 52 القمر .
وكل شئ : الواو حرف عطف ، وكل مبتدأ ، وكل مضاف وشئ مضاف عليه .
فعلوه : فعل ماض ، وفاعل ، ومفعول به ، والجملة في محل رفع صفة لكل .
في الزبر : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر المبتدأ .
وجملة كل وما بعدها معطوفة على ما قبلها .
174 ـ قال تعالى : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ) 7 العنكبوت .
والذين : الواو حرف عطف ، والذين اسم موصول في محل رفع مبتدأ .
آمنوا : فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
وجملة الذين وما بعدها معطوفة على ما قبلها .
وعملوا : الواو حرف عطف ، وعملوا معطوفة على آمنوا .
الصالحات : مفعول به لعملوا .
لنكفرن : اللام موطئة للقسم ، ونكفرن فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن .
وجملة نكفرن في محل رفع خبر الذين .
عنهم : جار ومجرور متعلقان بنكفرن . سيئاتهم : مفعول به منصوب بالكسرة .
175 ـ قال تعالى : ( وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ) 57 آل عمران .
وأما : الواو حرف عطف ، وأما حرف شرط وتفصيل غير جازم .
الذين : اسم موصول في محل رفع مبتدأ .
آمنوا : فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها صلة الموصول .
وعملوا : الواو حرف عطف ، وعملوا معطوف على آمنوا .
الصالحات مفعول به منصوب بالكسرة .
فيوفيهم : الفاء رابطة لجواب أما ، ويوفيهم فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به أول . أجورهم : مفعول به ثان ، وهو مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
وجملة فيوفيهم في محل رفع خبر الذين .
وجملة الذين وما في حيزها معطوفة على ما قبلها .
176 ـ قال تعالى : ( وأخرى تحبونها ) 13 الصف .
وأخرى : الواو حرف عطف ، وأخرى مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر ، وخبره المقدم محذوف ، والتقدير : لكم نعمة أخرى ، ويجوز في أخرى أن تكون منصوبة على إضمار فعل تقديره : ويمنحكم أخرى ، وحملة تحبونها صفة لأخرى ، أو يكون منصوبا بفعل مضمر يفسره الفعل تحبون ، فيكون من باب الاشتغال ، وحينئذ لا تكون جملة تحبونا صفة ، لأنها مفسرة للعامل قبل أخرى .
تحبونها : فعل مضارع مرفوع بثبت النون ، والواو في محل رفع فاعله ، وضمير الغائب في محل نصب مفعول به . والجملة إما في محل رفع خبر المبتدأ ، أو صفة ، أو مفسرة حسب ما ذكرنا سابقا ، والله أعلم .