أولا : ما النافية .
تنقسم " ما " النافية إلى قسمين : ـ
1 ـ ما النافية التي لا عمل لها ، ودخولها على الجملة لا يؤثر فيها ، وتعرف بالتميمية ، وسبب عدم عملها ؛ أنها أهملت إهمال ليس عند الكوفيين ، ولا يختص دخولها على الأسماء ، وإنما تدخل على الأسماء والأفعال على حد سواء ، لذلك أهملها التميميون .
مثال دخولها على الأسماء : ما أخوك قائم ، وما عمرو مسافر .
فأخوك مبتدأ ، وقائم خبره .
ولم يرد ذكرها في القرآن الكريم مع الأسماء . وقد كثر ذكرها مع الأفعال الماضية والمضارعة .
مثال دخولها على الأفعال الماضية ، 67 ـ قوله تعالى : { فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين }1 . وقوله تعالى : { ما اتبعوا قبلتك }2 .
وقوله تعالى : { وما كان من المشركين }3 .
ومثال دخولها على الأفعال المضارعة قوله تعالى : { وما يعلمنا من أحد }4 .
وقوله تعالى : { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج }5 .
وقوله تعالى : { ما يأكلون في بطونهم إلا النار }6 .
ـــــــــــــ
1 ـ 16 البقرة . 2 ـ 145 البقرة .
53 ـ 67 آل عمران . 4 ـ 105 البقرة .
6 ـ المائدة . 6 ـ 174 البقرة .
2 ـ ما النافية العاملة ، والتي يختص دخولها بالأسماء ، وتعمل عمل ليس ؛ لأنها
تشبهها في نفي الحال عند الجمهور وتعرف بالحجازية .
68 ـ نحو قوله تعالى : { ما هذا بشر }1 . وقوله تعالى : { ما هن أمهاتهم }2 .
شروط عملها :
تعمل ما النافية بشروط هي : ـ
1 ـ ألا يتقدم خبرها على اسمها . إذ لا يصح أن نقول : ما مسافرا محمد .
2 ـ ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها . فلا يصح أن نقول : ما عمله محمد مشكورا ، وما يوم الجمعة محمد قادما ، وما عند السفر عليّ منتظرا .
3 ـ الا تقترن بـ " إن " الزائدة . فلا يجوز أن نقول : ما إن محمد مسافرا .
4 ـ ألا ينتقض النفي بإلا ، فإذا انتقض بطل عمل " ما " .
نحو قوله تعالى : { وما محمد إلا رسول }3 .
وقوله تعالى : { ما أنتم إلا بشر مثلنا }4 . فـ " محمد " مبتدأ ، و " رسول " خبر .
5 ـ ألا تتكرر . ومن الأمثلة التي استوفت فيها " ما " الشروط السابقة قولهم :
ما رجلٌ أكرمَ من حاتم ، وما محمد أشجعَ من علي .
ومنه قوله تعالى : { ما منكم من أحد عنا حاجزين }5 .
33 ـ ومنه قول الشاعر :
ما الحسن في وجه الفتى شرفا له إذا لم يكن في فعله والخلائق
وقول الآخر :
أبناؤها متكنفون أباهم حنقوا الصدور وما هم أولادها
الشاهد في الآية قوله تعالى : { من أحد عنه حاجزين } من : حرف جر زائد ، وأحد : اسم ما في محل رفع ، وحاجزين : خبرها منصوب .
ــــــــــــــــــــ
1 ـ 31 يوسف . 2 ـ 2 المجادلة .
3 ـ 144 آل عمران . 4 ـ 15 ياسين . 5 ـ 47 الحاقة .
والشاهد في البيتين : " ما الحسن شرفا " ، و " وما هم أولادها " . فـ " الحسن " في الشاهد
الأول ، والضمير المنفصل " هم " في الشاهد الثاني كل منهما وقع اسما لما النافية العاملة مرفوعا
بها ، و" شرفا " ، و " أولادها " خبراها منصوبان بها .
تنبيهات وفوائد :
1 ـ يكثر اتصال خبر " ما " النافية العاملة عمل ليس بالباء الزائدة .
69 ـ كقوله تعالى : { وما ربك بظلام للعبيد }1. وقوله تعالى : { وما هم بمؤمنين }2 .
وقوله تعالى : { وما صاحبكم بمجنون }3 .
34 ـ ومنه قول امرئ القيس :
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثلِ
الشاهد في البيت " بأمثل " فالباء زائدة ، وأمثل خبر ما مجرور لفظا منصوب محلا بالفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحرمة حرف الجر الزائد .
2 ـ ذكرنا سابقا أنه يمتنع تقديم خبر " ما " العاملة على اسمها إذا كان الخبر اسما ظاهرا ، غير أنه يجوز التقديم إذا كان الخبر شبه جملة .
35 ـ كقول عبد الله بن كعب الحميري :
وما لي شيء منكما غير أنني أمني الصدى ظليكما فأطيل
الشاهد : وما لي شيء ، حيث قدم خبر " ما " النافية العاملة عمل ليس على اسمها
" شيء " ، وفيه خلاف بين النحاة ، فمنهم من أبطل عملها ، وجعل " لي " في محل رفع خبر مقدم ، و " شيء " مبتدأ مؤخر .
3 ــ من شروط عمل ما عدم زيادة " إن " بعدها ، غير أنه يجوز زيادة غيرها من الأحرف كم الجارة . 70 ـ نحو قوله تعالى : { فما منكم من أحد عنه حاجزين }4 .
ـــــــــــــ
1 ـ 46 فصلت . 2 ـ 8 البقرة .
3 ـ 22 التكوير . 4 ـ 47 الحاقة .
ومنه قول الشاعر :
لا ينسينك الأسى تأسيا فما من حِمام أحدٌ معتصما
الشاهد في الآية قوله تعالى : فما منكم من أحد ، حيث جيء بـ " من " الجارة بعد " ما " .
والشاهد في البيت قول الشاعر : ما من حمام ، حيث قدم معمول الخبر " معتصما " وهو الشبه الجملة الجار والمجرور على اسمها ، وجاءت من الجارة بعد " ما " العاملة .
4 ـ إذا وقعت " بل ولكن " بعد " ما " النافية العاملة ، وجب رفع ما بعدها على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، باعتبار بل ولكن ابتدائيتين ، وليستا عاطفتين ؛ لأن " ما " لا تعمل في الموجب ، وإنما تعمل في المنفي . نحو : ما محمد مسافرا بل مقيم ،
وما زيد مهملا لكن مجتهد .
وعلة عدم إعمالها بعد بل ولكن أن " ما " تقتضي العمل في المنفي ، و " بل ولكن " في هذه الحالة يقتضيان الإيجاب .
فإذا عطف على معمولي " ما " بحرف يقتضي النفي ، ولا يقتضي الإيجاب كـ " الواو " مثلا جاز النصب . نحو : ما سعيد كسولا ولا مهملا .
وجاز الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف . نحو : ما سعيد كسولا ولا مهملٌ {1} .
ثانيا ـ " لا " النافية ، وهي إما عاملة ، أو غير عاملة .
1 ـ " لا " النافية العاملة عمل ليس ، وتعرف بلا الحجازية أيضا ، وهي لنفي الوحدة ، وتعمل بالشروط الآتية ، وإن كان عملها عمل " ليس " على قلة .
أ ـ أن يكون اسمها وخبرها نكرتين . نحو : لا رجل مسافرا .
ب ـ ألا يتقدم خبرها على اسمها . فلا يجوز أن نقول : لا رجلا مسافر .
ج ـ ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها إلا إذا كان شبه جملة .
ـــــــــــــــ
1 ـ جامع الدروس العربية ج2 ص293 .
نحو : لا في الدار أحد موجودا .
د ـ ألا يكون خبرها محصورا بإلا ، فلا تقول : لا طالب إلا متفوقا .
هـ ـ ألا تتكرر ، لأن نفي النفي إثبات ، وهي لا تعما إلا في النفي .
ومما سبق نجد أن الشروط المتوفرة في عمل " ما " هي نفس الشروط المطلوبة في عمل " لا " ،
ما عدا شرط عدم زيادة " إن " فإنها لا تزاد بعد " لا " أصلا .
ومن الأمثلة التي استوفيت فيها الشروط قولنا : لا رجلٌ أفضلَ من رجل .
36 ـ ومنه قول الشاعر* :
تعز فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
الشاهد : فلا شيء باقيا . لا : نافية تعمل عمل ليس ، وشيء : اسمها مرفوع ، وباقيا :
خبرها منصوب .
ومنه قول الآخر* :
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
ومنه قول المتنبي :
نصرتك إذ لا صاحبٌ غيرَ خاذل فبؤت حصنا بالكماة حصينا
37 ـ والغالب في خبرها الحذف كقول سعيد بن مالك :
من صد عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح
الشاهد : لا براح ، فلا نافية عاملة عمل ليس ، وبراح اسمها مرفوع ، وخبرها محذوف تقديره :
لا براح لي .
2 ـ " لا " النافية غير العاملة ، وهي لا تختص بالدخول على الأسماء ، وإنما تدخل على الأسماء ،والأفعال ، كما هو الحال في " ما " غير العاملة .
فإذا دخلت على الأسماء بقيت الجملة بعدها مبتدأ وخبرا .
71 ـ نحو قوله تعالى : { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون }1 .
ـــــــــ
1 ـ 47 الصافات .
وقوله تعالى : { لا بيع فيه ولا خلال }1 .
وقوله تعالى : { لا الشمس ينبغي ان تدرك القمر }2 .
ويشترط فيها التكرار إذا وليها نعت . نحو قوله تعالى : { زيتونة لا شرقية ولا غربية }3 .
72 ـ وقوله تعالى : { لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث }4 .
ومثال دخولها على الأفعال قوله تعالى : { فلا صدق ولا صلى }5 .
وقوله تعالى { لا يعزب عنه مثقال ذرة }6 .
وقوله تعالى : { فلا أقسم بمواقع النجوم }7 .
ــــــــــــ
1 ـ 31 إبراهيم . 2 ـ 40 ياسين .
3 ـ 35 النور . 4 ـ 71 البقرة .
5 ـ 31 القيامة . 6 ـ 3 سبأ .
7 ـ 75 الواقعة .
فوائد وتنبيهات
1 ـ تعمل " لا " عمل ليس بقلة وندرة كما ذكرنا آنفا ، ولم يرد عملها في القرآن ، ولم يسمع إلا في الشعر كم مثلنا سابقا في موضعه .
38 ـ وقد يكون منه قول الراعي النميري ، ـ والغالب ألا يكون ـ وسنوضحه في الإعراب :
وما صرمتك حتى قلت معلنة لا ناقة لي في هذا ولا جمل
وذلك إذا جعلنا " ناقة " اسما لـ " لا " ، و " لي " متعلقان بمحذوف في محل نصب خبر لها .
أما قوله تعالى : { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }1 .
فالاختيار عند النحويين الرفع والتنوين على الابتداء {2} .
و " عليهم " متعلق بمحذوف في محل رفع خبر المبتدأ " خوف " ، و " لا " لا عمل لها ، وعلتهم في ذلك قوله تعالى : ولا هم يحزنون ، أن ما بعد " لا " معرفة ،
و " لا " لا تعمل إلا في النكرة ، فحملوا الأول على الثاني .
أي حملوا قوله تعالى : لا خوف عليهم ، على قوله تعالى : ولا هم يحزنون .
وبعضهم أجاز أن تكون " لا " عاملة عمل ليس ، وجعل " خوف " اسمها وشبه الجملة في محل نصب خبرها ، وعلة من أجاز ذلك أنه لا يشترط في عملها أن يكون اسمها وخبره نكرتين ، فقد ذكر ابن جني أنه لا يشترط في عملها هذا الشرط . فقد يأتي اسمها معرفة ، وخبرها نكرة ، واستشهد على ذلك بقول النابغة الجعدي :
وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا عن حبها متراخيا
ومنه قول المتنبي :
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 38 البقرة .
2 ـ انظر أحكام القرآن الكريم للقرطبي ج1 ص329 ، وروح المعاني للألوسي ج1 ص240 .
وعلى ذلك حملت الآية السابقة : ولا هم يحزنون .
والشاهد في بيتي الجعدى والمتنبي : ولا أنا باغيا ، و : فلا الحمد مكسوبا .
حيث عملت " لا " عمل ليس ، واسمها ضمير ، والضمير أعرف المعارف ، وكذلك كلمة " الحمد " فهي معرفة بأل . و" باغيا ومكسوبا " خبران لها منصوبان .
وقد يرجع السبب في ندرة عمل " لا " عمل " ليس " بأن شبه " لا " بليس ضعيف ؛ لأن " لا " للنفي مطلقا ، و " ليس " لنفي الحال ليس غير .
2 ـ يجوز في " لا " التي لنفي الوحدة أن تكون لنفي الجنس إذا أريد بها نفي الجميع نفيا عاما ، ولا يستثنى من أفراد جنسها أحد .
ونفرق بين النوعين من " لا " بالقرينة الدالة على إحداها .
فإذ قلنا لا رجلٌ مسافراً . برفع المبتدأ ، ونصب الخبر كانت " لا " لنفي الوحدة ، والتفي في هذه الحالة ليس عاما ، فهو لم يستغرق جميع أفراد جنسها ، بل يكون واحدا أو أكثر ، وكأننا قلنا : ليس رجلٌ مسافراً ، بل رجلان أم ثلاثة .
وإذا قلنا : لا رجلَ مسافرٌ ولا امرأةً . بنصب المبتدأ ورفع الخبر كان النفي مستغرقا جميع أفراد الجنس المنفي ، وفي هذه الحالة يكون التركيب خاطئا . إذ لا يصح أن نقول : لا رجلَ مسافر ولا امرأة ، بل رجلان ؛ لأن المنفي وقع على الجميع ، فلا يستثني منهم أحد .
وقد قرئ قوله تعالى : { لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة }1 .
بالرفع والنصب على الحالتين باعتبار أن " لا " تكون لنفي الوحدة ، وتكون لنفي الجنس إذا وجدت القرينة .
3 ــ ويجوز في " لا " النافية للوحدة أن تهمل وما بعدها يعرب مبتدأ وخبرا ، وفي هذه الحالة يستوجب فيها التكرار .
نحو قوله تعالى : { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }2 .
ـــــــــــــ
1 ـ 254 البقرة . 2 ـ 38 البقرة .
وقوله تعالى : { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون }1 .
4 ـ لا يتغير عمل " لا " التي للوحدة إذا دخل عليها همزة الاستفهام .
نقول : ألا رجل محسنا إلى للفقير ، ألا طالب فائزا في المسابقة .
5 ـ يجوز اتصال خبرها بـ " الباء " الزائدة كقول سودة بن قارب :
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد بن قارب
الشاهد : بمغن ، فقد زيد الباء قبل خبر لا .
6 ـ ينبغي أن نلاحظ أن معظم الشواهد التي عملت فيها " لا " عمل " ليس " افتقد فيها شرط التكرار كما هو الحال في الأبيات رقم : أ ، ب ، ج ، د .
ثالثا ـ لات .
هي " لا " النافية زيدت عليها تاء لتأنيث اللفظ ، الغرض من زيادتها المبالغة .
وتعمل " لا " عمل " ليس " في بعض المواضع ، ولم تتمكن تمكنها ، ولم تستعمل إلا ومضمر فيها ؛ لأنها كـ " ليس " في المخاطبة ، والإخبار عن الغائب .
ويشترط في عملها الشروط الآتية : ـ
1 ـ أن يكون اسمها وخبرها بلفظ " الحين " .
2 ـ أن يحذف اسمها ، أو خبرها ، والغالب حذف اسمها .
73 ـ نحو قوله تعالى : { ولات حين مناص }2 .
والتقير : ولات الحينُ حينَ مناص . أي : ليس الحين حين مهرب .
39 ـ ومنه قول قول الشاعر* :
ندم الغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
الشاهد : ولات ساعة . فقد عملت ساعة في الخبر ؛ لأنه ظرف زمان ، ولكنه ليس بلفظ الحين .
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 47 الصافات . 2 ـ 3 ص .
* لرجل من طي ، ويقال لمحمد بن عيسى بن طلحة ، أو مهلل بن مالك الكناني .
ومنه قول الأعشى :
لات هنَّا ذكرى جبيرة أو من جاء منها بطائف الأهوال
الشاهد : لات هنَّا . وهنَّا ظرف زمان بمعنى " الحين " ، وقد عملت فيه لات النصب خبرا لها .
تنبيهات وفوائد
1 ـ لقد وردي بعض ألفاظ الزمان غير لفظة " حين " بعد " لا " ، ولكنها جاءت مجرورة ، وهذا شاذ في كلام العرب ، لأن ما عليه جمهور النحاة أن تعمل لات عمل ليس فترفع الاسم ، وهو في الغالب ما يكون محذوفا ، وتنصب الخبر ويكون أيضا من ألفاظ الزمان . فما سمع عنهم مجرورا من ألفاظ الزمان بعد " لا " كان الجر بحرف الجر " من " المضمر ، وقد أشار إلى ذلك أبو حيان {1} .
وقال البعض إن الجر بـ " لات " لغة من لغات الغرب ، وإن كان ذلك لم يذكره النحاة كما ذكروا الحروف التي جر بها العرب لغة ، وهي : لعل ، ومتى ، ولولا وغيرها .
ومن الشواهد على مجيء اسم الزمان مجرورا بعد لات ، 40 ـ قول المنذر بن حرملة * :
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
الشاهد : ولات أوان . بجر أوان وتنوينها ، أي : ليس الجر جر بناء .
فإذا كان الكسر كسر بناء فلا شاهد في البيت .
ومنه ـ ولكن ليس بلفظ الزمان ـ قول المتنبي :
لقد تصبرت حتى لات مصطبرٍ ولآن أقحم حتى لات مقتحمِ
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ انظر الحروف العاملة في القرآن الكريم لهادي عطية الهلالي ص551 .
* وقيل لأبي زيد الطائي .
الشاهد : لات مصطبرٍ ، ولات مقتحمِ . حيث جر الشاعر اللفظين بعد لات .
والجر كما ذكرنا : إما على إضمار حرف الجر " من " ، وهو الوحه الحسن ، أو على لغة بعض القبائل .
2 ـ وإذا دخلت " لات " في بعض الأحايين على ألفاظ غير زمانية أهمل عملها ، ورفعت تلك الألفاظ إما على الابتداء ، أو الفاعلية .
كقول شمردل الليثي :
لهفي عليك للهفة من خائف يبغي جَوَارك حين لات مجيرُ
الشاهد : لات مجير . برفع مجير ؛ لأنها لفظة غير زمانية جاءت بعد لات ، مما أبطل عملها ورفع ما بعدها على الوجهين اللذين ثم ذكرهما .
والتقدير : لات له مجير ، أو لات يحصل مجير .
3 ــ لقد التزم النحاة حذف اسم لات ؛ لأن التاء فيها صارت كالفاصل بينها وبين جملتها ، فلم تقو على العمل في معمولين ، ومن ثم أوجبوا أن يكون معمولها بلفظ واحد هو " لفظ الزمان " ليدل بالثابت منها على المحذوف {1} .
4 ـ يرى بعض النحاة إهمال لات مطلقا ، وإذا وجد الاسم بعدها منصوبا فهو مفعول به لفعل محذوف تقديره : لات أرى حين مناص ، وإذا وجد مرفوعا فهو مبتدا وخبره محذوف ، والتقدير : لات حينُ مناص كائن لهم . والله أعلم .
رابعا ـ إن :
حرف نفي يعمل عمل ليس بقلة وندرة ، ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين . نحو : إن معلمٌ حاضراً .
بل جاز في اسمها التعريف ، وفي خبرها التنكير . نحو : أن محمدٌ قائماً .
وتعمل " إن " بشرط حفظ النفي والترتيب ، 74 ـ نحو : إن أحدٌ خيراً من أحد .
ــــــــــــــــــــــــ
1 ــ انظر كتاب الجمانة في شرح الخزانة للشيخ ناصيف اليازجي ج2 ص188 .
وحفظ النفي لا يكون إلا بعدم انتقاض خبرها بإلا ، فإن انتقض أهملت .
75 ـ نحو قوله تعالى : { إن هذا إلا ملك كريم }1 .
وقوله تعالى : { إن هذا إلا أساطير الأولين }2 .
وأما حفظ الترتيب ألا تقدم خبرها ، أو معموله على اسمها . فلا يصح أن نقول : إن موجودا أخوك ، ولا : إن عمله خالد مشكورا .
فوائد وتنبيهات
1 ـ ذكر النحويون أن " إن " تعمل عمل ليس بقلة وندرة ، بل أن جمهور النحاة على عدم إعمالها إلا القليل منهم ، وهي بذلك تكون للنفي فقط ، وتدخل على الجمل الاسمية ، والفعلية مثلها مثل " ما " الميمية .
نحو : إن محمد ٌ مجتهدٌ . برفع المبتدأ ، والخبر .
ومنه قوله تعالى : { إن أنت إلا نذير }3 .
وقوله تعالى : { إن نحن إلا بشر مثلكم }4 .
وقوله تعالى : { إن في صدورهم إلا كبر }5 .
والموجب لإبطال عملها في هذه الآيات ، وما شابهها هو انتقاض نفيها بإلا .
ومثال دخولها على الجمل الفعلية ، 76 ـ قوله تعالى : { إن أردنا إلا الحسنى }6 .
وقوله تعالى : { إن يقولون إلا كذبا }7 .
2 ـ وكما ينتقض نفي " إن " النافية غير العاملة بحصر خبرها بـ " إلا "ينتقض أيضا بـ " لمَّا " المشددة . نحو قوله تعالى : { وإن كل نفس لمَّا عليها حافظ }8 .
وقوله تعالى : { وإن كل لمَّا جميع لدينا محضرون }9 .
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 31 يوسف . 2 ـ 18 النمل .
3 ـ 23 فاطر . 4 ـ 11 إبراهيم .
5 ـ 56 غافر . 6 ـ 107 التوبة .
7 ـ 15 الكهف . 8 ـ 4 الطارق . 9 ـ 32 يونس .
غير أنه ورد النفي بها مع إهمالها دون نقض الخبر بـ " إلا " ، أو " لمَّا .
نحو قوله تعالى : إن عندكم من سلطان }1 .
وقوله تعالى : { وإن أدري أقريب أم بعيد }2 .
فـ " إن " في الآيتين غير عاملة مع أنها دخلت في الآية الأولى على الجملة الاسمية .
نماذج من الإعراب
" ما " النافية
67 ـ قال تعالى : { فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين } .
فما ربحت : الفاء حرف عطف مع التعقيب ، ما نافية لا عمل لها ، ربحت فعل ماض مبني على
الفتح ، والتاء تاء التأنيث الساكنة .
تجارتهم : تجارة فاعل مرفوع ، وهو مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه . وجملة : ربحت .. إلخ معطوفة على ما قبلها .
وما كانوا : الواو عاطفة ، وما نافية لا عمل لها ، كان فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسمها . مهتدين : خبر كان منصوب بالياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم .
وجملة : ما كانوا ... إلخ معطوفة على ماقبلها .
68 ـ قال تعالى : { ما هذا بشرا } .
ما : حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب يعمل عمل ليس .
هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفه اسم ما .
بشرا : خبر ما منصوب .
ـــــــــــــــ
1 ـ 68 يونس . 2 ـ 109 الأنبياء .
33 ـ قال الشاعر :
ما الحسن في وجه الفتى شرفا له إذا لم يكن في فعله والخلائق
ما الحسن : ما نافية تعمل عمل ليس ، والحسن اسمها مرفوع بالضمة .
في وجه : جار ومجرور متعلقان بالحسن ، ووجه مضاف .
الفتى مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر .
شرفا له : شرفا خبر ما منصوب بالفتحة ، له جار ومجرور متعلقان بـ " شرفا " .
إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط .
لم يكن : لم حرف نفي وجزم وقلب ، يكن فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون ، واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو يعود على الحسن .
في فعله : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب خبر يكن ، وفعل مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
والخلائق : الواو حرف عطف ، الخلائق معطوف على فعل مجرور بالكسرة .
69 ـ قال تعالى : { وما ربك بظلام للعبيد } .
وما ربك : الواو حرف عطف ، ما نافية عاملة ، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وربك اسمها مرفوع بالضمة ، وهو مضاف ، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه .
بظلام : الباء حرف جر زائد ، ظلام خبر ما مجرور لفظا منصوب محلا بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد .
للعبيد : جار ومجرور متعلقا بـ " ظلام " .
34 ـ قال الشاعر :
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
ألا : حرف تنبيه مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
أيها : منادي نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب بياء النداء المحذوفة ، وها حرف تنبيه لا محل له من الإعراب .
الليل : بدل مرفوع بالضمة لأن الليل اسم جنس جامد ، أو عطف بيان ، ولا يصح أن يكون صفة لأنه غير مشتق .
ويعربه البعض بالنصب تبعا لمحل " أي " ، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الإتباع اللفظية وهي الضمة .
واتبعت ضمة البناء ـ مع أنها لاتتبع ـ لكونها عارضة فأشبهت ضمة الإعراب .
والأحسن الرفع على البدلية ، أو عطف البيان ، وهو رأي أكثر النحاة .
الطويل : صفة مرفوعة بالضمة .
ألا انجلي : ألا حرف5 تنبيه مؤكد للأول ، انجلي فعل أمر مبني على حذف حرف العلة هو " الياء " أما الياء التابثة في آخر الفعل فهي مزيدة لإشباع كسرة اللام .
ومن الشواهد على ثبوت الحرف الشبيه بالحرف المحذوف من أخر الفعل المعتل الآخر في حالتي البناء ، أو الجزم قوله تعالى : { سنقرئك فلا تنسى }1 .
فلا ناهية تجزم الفعل المضارع ، وتنسى فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف حرف العلة الألف ، والألف المتلصة بالفعل صلة لفتحة السين .
ومنه في الكسر قول الشاعر :
ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد
فالياء في " يأتيك " المجزوم بلم صلة لكسرة التاء في الفعل ، فكان مقتضى القياس حذفها ولنها ثبتت لضرورة الشعر {2} .
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ 6 الأعلى . 2 ـ انظر فتح الكريم المتعال إعراب المعلقات العشر الطوال ص106 للدرة .
وفاعل انجلي ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت .
والجملة الفعلية مع الجملة الندائية في محل نصب مقول القول في البيت السابق . بصبح : جار ومجرور متعلقان بالفعل انجلي .
وما الإصباح : الواو للحال ، ما نافية عاملة ، الإصباح اسمها مرفوع بالضمة .
منك : جار ومجرور متعلقان بأمثل .
بأمثل : الباء حرف جر زائد ، أمثل خبر ما مجرور لفظا منصوب محلا بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد . وصرف لضرورة الشعر ، والأصل فيه الجر بالفتحة لمنعه من الصرف لأنه وصف على وزن أفعل ، وجملة : وما الإصباح ... إلخ في محل نصب حال من فاعل انجلي ، والرابط الواو ، والضمير المجرور في قوله " منك " .
35 ـ قال الشاعر :
وما لي شيء منكما غير أنني أمني الصدى ظليكما فأطيل
وما لي : الواو حسب ما قبلها ، ما نافية عاملة عمل ليس ، لي جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب خبر ما مقدم على اسمها ، وفيه نظر .
شيء : اسم ما مؤخر مرفوع بالضمة .
تنبيه : بعض النحاة لم يجز إعمال " ما " في مثل هذه الحالة ، لتقدم خبرها على اسمها ؛ لأن من شروط عملها عدم تقدم الخبر على الاسم ، وأجازه البعض إذا كان شبه جملة كما هو الحال في هذا البيت ، وهو موضع الشاهد .
منكما : جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف .
غير : يجوز فيها النصب على الاستثناء ، أو الرفع على البدلية من شيء إذا اعتبرنا أنها مستثنى ، وجملة الاستثناء تامة منفية ، وغير مضاف .
أنني : أن حرف توكيد ونصب مشبه بالفعل ، والضمير المتصل في محل نصب اسمها .
أمني : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا .
الصدى : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر .
وجملة أمني في محل رفع خبر " أنني " .
وجملة أنني وما في حيزها في محل جر بالإضافة لغير .
ظليكما : ظلي منصوبة على نزع الخافض ، وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى .
والتقدير : من ظلي ، وظل مضاف ، والكاف ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ، وما علامة التثنية .
ولا يصح إعراب " ظليكما " مفعولا به ؛ لأن الفعل " أمني " لا يتعدى لمفعولين .
فأطيل : الفاء للتعليل ، أطيل فعل مضارع مرفوع بالضمة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا .
70 ـ قال تعالى : { فما منكم من أحد عنه حاجزين } .
فما : الفاء تفيد التعليل ، ما نافية عاملة عمل ليس عند من أجاز الفصل بينها وبين اسمها بمن الزائدة ، والفصل بشبه الجملة بينها وبين اسمها أيضا .
منكم : جار ومجرور متعلقان إما : بمحذوف في محل نصب حال من " أحد " القادم لأنه تقدم عليه ، ولو تأخر لأعرب صفة له ، وهذا هو الشائع في نعت النكرة إذا تقدم عليها {1} ، وقيل : إنه متعلق بـ " حاجزين " .
وقيل : إن " منكم " يجوز أن تتعلق بمحذوف خبر " ما " {2} .
والذي نراه أن " منكم " متعلقة بمحذوف حال من أحد ، ولو تأخرت عنها لكانت صفة لها .
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ انظر روح المعاني للألوسي ج29 ص54 .
2 ـ انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج18 ص 277 .
من أحد : من حرف جر زائد ، أحد اسم ما مجرور لفظا مرفوع محلا بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد .
عنه : جار ومجرور متعلقان بحاجزين .
حاجزين : خبر ما منصوب بالياء ، وهو الوجه الأحسن ، وفي بعض الوجوه صفة لأحد على المحل باعتبار " منكم " هي الخبر كما بينا سابقا .
نماذج من الإعراب على
" لا " النافية
71 ـ قال تعالى : { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } .
لا فيها : لا نافية لا عمل لها ، فيها جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم .
غول : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة .
ولا هم : الواو حرف عطف ، لا نافية لا عمل لها ، هم ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ .
عنها : جار ومجرور متعلقان بينزفون .
ينزفون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وواو الجماعة في محل رفع فاعله .
والجملة الفعلية في محل رفع خبر هم .
والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها .
وأجاز البعض إعمال " لا " عمل ليس باعتبار عدم اشتراط التنكير في اسمها وخبرها .
72 ـ قال تعالى : { لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث } .
لا ذلول : لا نافية لا عمل لها ، ذلول صفة لبقرة مرفوعة بالضمة الظاهرة .
تثير الأرض : تثير فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي يعود على البقرة ، الأرض مفعول به منصوب بالفتحة ،
وجملة تثير الأرض في محل رفع صفة ثانية لبقرة .
والمقصود نفي إثارتها للأرض .
ولا تسقي الحرث : الواو حرف عطف ، ولا زائدة لتوكيد النفي .
وجملة تسقي الحرث : معطوفة على ما قبلها " صفة لبقرة أيضا " .
36 ـ قال الشاعر :
تعز فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
تعز : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت .
فلا شيء : الفاء للاستئناف ، لا نافية تعمل عمل ليس ، شيء اسمها مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره .
على الأرض : جار ومجرور متعلقا بـ " واقيا " .
باقيا : خبر لا منصوب بالفتحة ، وجمله لا شيء ... إلخ لا محل لها من الإعراب مستأنفة .
ولا وزر : الواو حرف عطف ، لا نافية عاملة ، وزر اسمها مرفوع .
مما : من حرف جر ، ما اسم موصول مبني على السكون في محل جر ، وشبه الجملة متعلق بـ " واقيا " .
قضى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر .
الله : لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة .
واقيا : خبر لا منصوب بالفتحة ، وجملة : قضى الله ... إلخ لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، وجملة : ولا وزر معطوفة على جملة فلا شيء لا محل لها من الإعراب .
37 ـ قال الشاعر :
من صد عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح
من صد : من اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ، صد فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، وجملة : صد ... إلخ في محل رفع خبر .
عن نيرانها : جار ومجرور متعلقان بصد ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه ، وهو عائد على الحرب .
فأنا : الفاء واقعة في جواب الشرط ، أنا ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .
ابن قيس : ابن خبر مرفوع بالضمة ، وهو مضاف ، وقيس مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وجملة : فأنا ... إلخ في محل جزم جواب الشرط .
لا براح : لا نافية تعمل عمل ليس ، براح اسمها مرفوع بالضمة ، وخبرها محذوف تقديره : لا براح لي . ويجوز في جملة : لا براح أن تكون مستأنفة لا محل لها من الإعراب ، والتقدير : أنا ابن قيس الذي عرفت بالشجاعة فلا يحتاج إلى بيان .
ويجوز أن تكون حالا مؤكدة من الضمير " أنا " ، والتقدير : أنا ابن قيس ثابتا في الحرب {1} .
38 ـ قال الشاعر :
وما صرمتك حتى قلت معلنة لا ناقة لي في هذا ولا جمل
وما صرمتك : الواو حسب ما قبلها ، ما نافية لا عمل لها ، صرمتك فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والضمير في محل رفع فاعل ، والكاف في محل نصب مفعول به .
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ انظر حاشية الصبان على شرح الأشموني ج1 ص254 ،
وخزانة الأدب للبغدادي ج1 ص467 وما بعدها .
حتى قلت : حتى حرف جر وغاية ، قلت فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرم ، والضمير في محل رفع فاعل ، والجملة في محل جر بحتى .
معلنة : حال منصوبة بالفتحة من الضمير في " قلت " .
لا ناقة : لا نافية لا عمل لها ، وعلة عدم إعمالها أنها مكررة ، والبعض أجاز عملها ، ناقة : على الوجه الأول مبتدأ مرفوع بالضمة ،وهو الوجه الأحسن ؛ لأن ناقة في هذا الموضع وقعت جوابا لمن قال : ألك في هذا ناقة أو جمل ، فقيل له : لا ناقة لي في هذا ولا جمل ، فجرى ما بعد " لا " في الجواب مجراه في السؤال {1} .
لي : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع صفة لناقة .
في هذا : في حرف جر ، وهذا اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بكسرة مقدرة منع من ظهورها حركة البناء الأصلية ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر لناقة على الوجه الأول وهو الأحسن والأكثر ، فتدبر .
ولا جمل : الواو حرف عطف ، لا نافية لتوكيد النفي ، جمل مبتدأ مرفوع ، وخبر محذوف تقديره : ولا جمل لي ، والجملة معطوفة على ما قبلها .
وجملة : لا ناقة لي ... إلخ في محل نصب مقول القول .
ـــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ انظر الكتاب لسيبويه ج1 ص354 هامش ، وشرح المفصل ج2 ص110 ،
وحاشية الصبان على شرح الأشموني ج2 ص11 .
نماذج من الإعراب على
" لات "
73 ـ قال تعالى : { ولات حين مناص } .
ولات : الواو للحال ، لات حرف نفي مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، تعمل عمل ليس ، واسمها محذوف تقديره : لات الحين .
حين : اسم زمان خبر ليس منصوب بالفتحة ، وهو مضاف .
مناص : مضاف إليه مجرور بالكسرة .
وجملة : لات ... إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة في الفعل " نادوا " قبلها ، والعائد مقدر ، وإن لم يلزم ، والتقدير : ونادوا ولات الحين حين مناصهم .
39 ـ قال الشاعر :
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
ندم البغاة : فعل ماض مبني على الفتح ، والبغاة فاعل مرفوع بالضمة .
ولات : الواو للحال ، لات نافية عاملة ، واسمها محذوف تقديره : ولات الساعة ،
ساعة : خبر لات منصوب بالفتحة ، وهو مضاف .
مندم : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، والجملة من : لات ... إلخ في محل نصب حال ، والتقدير : ندم البغاة ، والحال أن الوقت ليس وقت الندم .
والبغي : الواو للاستئناف ، البغي مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة .
مرتع مبتغيه : مرتع مبتدأ ثان مرفوع بالضمة ، وهو مضاف ، مبتغيه مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل ، ومبتغي مضاف ، والضمير المتصل في محل جر
بالإضافة .
وخيم : خبر المبتدأ الثاني مرفوع بالضمة ، والرابط الضمير في مبتغيه .
وحملة : والبغي ... إلخ لا محل لها من الإعراب مستأنفة .
40 ـ قال الشاعر :
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
طلبوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل .
صلحنا : مفعول به منصوب بالفتحة ، وهو مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
ولات : الواو واو الحال ، لات حرف نفي يعما عمل ليس ، واسمه محذوف .
أوان : اسم زمان مبني على الكسر في محل نصب خبرلات ، وعلى ذلك لا شاهد في البيت سوى إعمال لات .
أما إذا اعتبرنا كسر اوان هو تنوين جر ، وهو موضع الشاهد كما ذكرنا في المتن تكون لات غير عاملة ، وأوان اسم مجرور بحرف جر مقدر ، والتقدير : من أوان ، أو مجرور في لغة بعض
القبائل ، والجر بالحرف أحسن ، أو بلات نفسها ، وهو مذهب الفراء ، حيث يقول : إن " لات " لا تعمل النفي ، وإنما هي حرف جر .
وذكر أيضا أن " أوان " بالفتح ، والتقدير : ولات أوانَ طلبوا .
فحذفت الجملة وبني " أوان " على السكون ، أو على الكسر ، ثم أبدل التنوين من المضاف إليه ، كما في " يومئذٍ " ، ولكن ذلك مردود ، لأن أوان تضاف إلى مفرد كما في قول رشيد بن رميض :
" هذا أوان اشد فاشتدي زيم " .
وقال بعضهم : إنه تنوين الضرورة ، كأن تقول يا محمدٌ .
وخلاصة القول : أن " أوان " مجرورة إما بحرف الجر " من " ، والتقدير : من أوانٍ ، أو بلات نفسها ، أو هي لغة بعض القبائل ، وفي جميع الحالات " لات " غير عاملة . وقد أوضحنا ذلك للفائدة فتدبر أخي الدارس .
فأجبنا : الفاء حرف عطف ، أجاب فعل ماض مبني على السكون لاتصاله ب " نا " المتكلمين ، والنا ضمير متصل مبنى على السكون في محل رفع فاعل .
أن ليس : أن تفسيرية حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، ليس فعل ماض ناقص مبني على الفتح ، واسمه محذوف تقديره : ليس الحين .
حين بقاء : حين خبر ليس منصوب بالفتحة الظاهرة ، وهو مضاف ، وبقاء مضاف إليه مجرور بالكسرة . وجملة : فأجبنا ... إلخ معطوفة على ما قبلها .
وجملة : ولات ... إلخ في محل نصب حال .
نماذج من الإعراب على
" إن "
74 ـ إن أحد خيرا من أحد .
إن : حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، يعمل عمل ليس .
أحد : اسم أن مرفوع بالضمة الظاهرة .
خيرا : خبر إن منصوب بالفتحة الظاهرة .
من أحد : جار ومجرور متعلقان بخير .
75 ـ قال تعالى : { إن هذا إلا ملك كريم } .
إن هذا : إن نافية لا عمل لها ، هذا اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حرمة الباء الأصلية .
إلا ملك : إلا أداة حصر لا عمل لها ، ملك خبر مرفوع بالضمة .
كريم : صفة مرفوعة بالضمة .
76 ـ قال تعالى : { إن أردنا إلا الحسنى } .
إن نافية لا عمل لها ، أردنا فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بن الفاعلين ، ونا ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعله .
إلا الحسنى ك إلا أداة حصر ، الحسنى مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر .