منتدى الشربينى للبرمجيات واشهار المواقع والمنتديات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الشربينى للبرمجيات
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخولالتسجيل
صورة صاحب المنتدى محمدالشربينى 01062618079

 

 حروف المعاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المديرمحمدالشربينى
مدير المنتدى محمدالشربينى
مدير المنتدى محمدالشربينى
المديرمحمدالشربينى


الجنس : ذكر
عدد المشاركات : 2845
نقاط : 62827
السٌّمعَة : 0
تاريخ الميلاد : 13/04/1985
تاريخ التسجيل : 03/01/2010
العمر : 39
الموقع : www.mega4up.com

حروف المعاني Empty
مُساهمةموضوع: حروف المعاني   حروف المعاني I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 13, 2010 2:24 am

حروف المعاني



حروف المعاني وأقسامها :

تعريف الحرف ، وسبب تسميته :

تقسيم الحروف من حيث عملها :

الحروف العاملة . الحروف غير العاملة .

تقسيم الحروف العاملة إلى :

حروف عاملة في الجر . حروف عاملة في النصب .

حروف عاملة في الرفع . حروف عاملة في الجزم .

تقسيم الحروف من حيث مكانها في الكلام :

حروف تأتي قبل الاسم . حروف تأتي قبل الفعل . حروف تأتي قبل الاسم والفعل .



تعريف الحرف ، وسبب تسميته :

توطئة :

تعرض أكثر النحويين قديمهم وحديثهم لتعريف الحرف ، كما عرفوا الاسم والفعل ، ولم يلحق تعرفهم لهما خلاف في الرأي ، أما الحرف فلم يكن حظه من توافق الآراء مواتيا كما كان تقسيمه ، بل كان وما يزال محور خلاف النحويين ، ونحن في هذا الكتاب وحسب ما رسمنا لأنفسنا من منهج قررنا ألا نتعرض لخلافات النحويين حول مسألة من المسائل ، بل نأخذ بأيسر الأمور ، وأكثرها توافقا مع جمهور النحويين ، وكنا رأينا في هذا الباب ، ومن أجل زيادة المنفعة أن نتعرض لآراء كل من الفريقين في تعريف الحروف وتحليلها والتعليق عليها ، واستنتاج ما يمكن استنتاجه من هذه الآراء ، والتقريب بين وجهات النظر ، لعلنا نستطيع أن نصل إلى ما يرضي الدارس ، ويقنعه دون أن يبقى موزع الذهن بين موافق ، ومعارض ، فإن أصبت فيما صبوت إليه فذلك من فضل الله ، وإن جانبني الصواب يكون مما دفعتني إليه بصيرتي ، وأطلب العفو من الله ، وأن يهدينا إلى الصواب .

قبل أن نتعرض لآراء النحويين نود أن نعرض جملة من التعريفات المختلفة ذكرها صاحب كتاب إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل للزجاجي ، ورد عليها .

يقول البطليوسي في مسألة عن الحرف ، قال أبو القاسم الزجاجي :

" والحرف ما دل على معنى في غيره ، نحو : من ، وإلى ، وثم ، وما أشبه ذلك " .

وقد خطّأ البطليوسي أبا القاسم الزجاجي في هذا التعريف ، لأنه تعريفا ناقصا ، ولا تستقيم صحته حتى يزاد فيه " ولم يكن أحد جزأي الجملة المفيدة " أي : ما لم يكن خبرا ، ولا مخبرا عنه .

ثم قال : وعرفه سيبويه بقوله : " ما جاء لمعنى ليس باسم ، ولا فعل " .

وعلق البطليوسي على تعريف سيبويه ، بأنه أتم التعريفات فائدة ، ولو يدخله الخلل .

وتعرض البطليوسي لجملة من التعريفات ، ورد عليها ، فقال : لقد عرف الأخفش الحرف بقوله : الحرف ما لم يحسن له الفعل ، ولا الصفة ، ولا التثنية ، ولا الجمع ، ولم يجز أن يتصرف " . ثم علق على هذا التعريف بقوله : إنه خطأ ، لأن الفعل داخل في هذا التحديد ، فمن الأفعال ما لا يتصرف : نعم ، بئس ، وعسى ، وكذلك أسماء الأفعال : صه ، ومه ، وغيرها .

وأورد تعريف المبرد للحرف فقال قال أبو العباس المبرد : " الحرف ما كان موصلا الفعل إلى اسم ، أو عاطفا ، أو تابعا لتحدث به معرفة ، أو كان عاملا " .

وعلقق عليه البطليوسي بقوله : إنه فاسد أيضا ، لأن الحرف ما تأتى لمعنى الاستفهام ، ولمعنى الاستثناء ، ولمعنى النفي ، ولمعنى القسم ، والتمني ، والنهي ، وغير ذلك . ثم استعرض تعريف أبي إسحاق الزجاج للحرف فقال : قال أبو إسحاق الزجاج :

" الحرف ما لم يكن صفة لذاته ، وكان صفة لما تحته " .

نحو : مررت برجل فاضل ، ففاضل صفة لذاته .

ونحو : مررت برجل في الدار ، فقولك في الدار صفة لما تحته لا لذاته .

ورد عليه البطليوسي قائلا : إن أبا إسحق قصد بالصفة المعنوية ، لا اللفظية ، والفعل يشترك مع الحرف في هذا المعنى .

فإذا قلت : مررت برجل يضرب زيدا .

فـ " يضرب " صفة معنوية ، لا لفظية ، وكذلك الجمل الخبرية تكون صفات بمعانيها ، لا بألفاظها .

ثم استعرض تعريف أبي نصر الفارابي للحرف ، فقال : قال الفارابي في تحديد الحرف : " الأداء لفظ يدل على معنى مفرد لا يمكن أن يفهم بنفسه " .

وعلق البطليوسي عليه بقوله : لقد حده دون أن يقرن باسم ، أو كلمة ، وهذا تحديد صحيح ، وشبهه بتعريف سيبويه السابق ، وبتعريفه نفسه (1) .

كانت تلك جملة من التعريفات التي استعرضها البطليوسي في كتابه إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل للزجاجي ، وتقويمه لها ورده عليها . ومن خلال استعراضنا السريع لما ذكره البطليوسي ، لم نقف فيه على جديد في تعريف الحرف ، أو وضع تعريف معين لما يمكن للنحاة الاتفاق عليه . وخلاصة ما سبق أن البطليوسي صحح ـ لا أكثر ، ولا أقل ـ لبعض النحاة تعريفاتهم التي كان يرها فيها خللا من وجهة نظره لعدم دقة تعبيرها ، ثم أقر بأن أدق التعبيرات في حد الحرف هو ما ذكره سيبويه في كتابه ، ثم ما عرفه به البطليوسي نفسه . وهذا الذي ذكرنا لا يكفي للوقوف على تعريف الحرف تعريفا دقيقا ، لأن فيه من التباين ، والاختلاف ما يضع الدارس في متاهة لا يحسن الخروج منها ، لذلك رأينا أن نستعرض آراء أئمة النحو غير الذين ذكرنا لعلنا نصل إلى جديد ، وبالله التوفيق .

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ راجع كتاب إصلاح الخلل الواقع في الجمل للزجاجي ،

لعبد الله بن السيد البطليوسي ص 27 ، 31 بتصرف .



عرض الآراء : ـ

انقسم النحويون في تعريف الحرف إلى فريقين ، فريق يقول بدلالة الحرف على معنى في غيره ، وفريق يقول بدلالته على معنى في نفسه ، كما هو الحال في الاسم ، والفعل ، وسوف نستعرض معا أقوال كل من الفريقين لعلنا نصل إلى جديد .

أولا ـ آراء الفريق القائل بدلاله الحرف على معنى في غيره :

1 ـ الزمخشري : وهو أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري صاحب كتاب المفصل في علم العربية قال : " الحرف هو ما دل على معنى في غيره ، ومن ثم لم ينفك من اسم ، أو فعل يصحبه إلا في مواضع مخصوصة حذف فيها الفعل واقتصر على الحرف فجرى مجرى النائب " (1) .

2 ـ ابن يعش : موفق الدين يعش بن على بن يعش صاحب كتاب شرح المفصل ، لقد تابع ابن يعش الزمخشري في تعريف الحرف ، فقال شارحا معنى قول الزمخشري " وقولنا دلت على معنى في غيرها ـ يعني الكلمة المقصود بها الحرف ـ فصل ميزه ـ أي الحرف ـ من الاسم والفعل ، إذ معنى الاسم ،والفعل في أنفسهما ، ومعنى الحرف في غيره " (2) . ثم مثل على قوله بكلمة ( الغلام ) بأنه قد فهم منها المعرفة ، ولكن إذا ذكرت كلمة " أل " مفردة لو يفهم منها معنى ، وإذا قرنت بما بعدها من اسم أفادت التعريف فيه ، وهذا معنى دلالتها في غيرها .

3 ـ ابن عقيل : بهاء الدين عبد الله بن عقيل صاحب شرح الألفية قال : " وإن لم تدل على معنى في نفسها ـ يعني الكلمة ـ بل في غيرها فهي الحرف " (3) .

4 ـ ابن الناظم : أبو عبد الله بدر الدين محمد بن جمال الدين محمد بن مالك صاحب الألفية قال في شرحه على ألفية والده : " هذه الحروف ـ يعني حروف الجر ـ كلها مستوية

ـــــــــــــــــ

1 ـ المفصل ص 283 .

2 ـ شرح المفصل ج8 ، ص2 .

3 ـ شرح ابن عقيل ج1 ، ص15 .



في الاختصاص بالأسماء ، والدخول عليها لمعان في غيرها " (1) .

5 ـ الحسن بن قاسم المرادي صاحب كتاب الجنى الداني في حروف المعاني قال : " وقد حد الحرف بحدود كثيرة ومن أحسنها قول بعضهم : الحرف كلمة تدل على معنى في غيرها فقط " ثم فسر ذلك بقوله : " إن دلالة الحرف على معناه الإفرادي غير متوقفة على ذكر متعلق ألا ترى أنك إذا قلت " الغلام " فهم منه التعريف ، ولو قلت " أل " مفردة لم يفهم منه معنى ، فإذا قرن بالاسم أفاد التعريف " (2) .

6 ـ وممن تابعهم من النحاة المحدثين عباس حسن فقال في كتابه النحو الوافي : " الحروف : من ، في ، على ... إلخ لا تدل كل كلمة من الكلمات السابقة على معنى ، أي معنى ، مادامت منفردة بنفسها . لكن إذا وضعت في كلام ظهر لها معنى لم يكن من قبل " . ثم قال في مكان آخر : " فالحرف كلمة لا تدل على معنى في نفسها ، وإنما تدل على معنى في غيرها فقط ـ بعد وضعها في جملة ـ دلالة خالية من الزمن " (3) .

7 ـ أبن جني : أبو الفتح عثمان بن جني صاحب كتاب اللمع في العربية قال : " والحرف ما لم تحسن فيه علامات الأسماء ، ولا علامات الأفعال ، وإنما جاء لمعنى في غيره " (4) .

ثانيا ـ الفريق القائل بدلالة الحرف على معنى في نفسه :

1 ـ من الفريق الثاني الذين عرفوا الحرف بأنه يدل على معنى في نفسه محمد بت إبراهيم النحاس الحلبي صاحب كتاب إعراب القرآن ، فقد ورد في كتاب اللامات للدكتور عبد الهادي الفضلي نقلا عن بغية الوعاة ما نصه : " كان محمد بن إبراهيم النحاس الحلبي النحوي يذهب إلى أن الحرف معناه في نفسه على خلاف قول النحاة قاطبة

ـــــــــــــــ

1 ـ شرح ابن الناظم على الألفية .

2 ـ الجنى الداني ص20 ، 22 .

3 ـ النحو الوافي ج1 ، ص62 ، 63 .

4 ـ اللمع ص 91 .



أن معناه في غيره " ، وقد تابعه في هذا الرأي أبو حيان الأندلسي المتوفى سنة 745 هـ ، قال ابن هشام في شرح اللمحة البدرية : " والثاني دعوى دلالة الحرف على معنى في غيره وهذا وإن كان مشهورا عند النحويين إلا أن الشيخ بهاء الدين أبن النحاس نازعهم في ( التعليقة ) وزعم أنه دال على معنى في نفسه ، وتابعه المؤلف ( ابو حيان ) في شرح التسهيل " (1) .

واستطرد الفضلي قائلا : " وأشار الدكتور هادي نهر في هامشه على اللمحة البدرية إلى دليل ابن النحاس بالتالي : وحجة ابن النحاس في دلالة الحرف على معنى في نفسه هي أنه إذا خوطب بالحرف من لا يفهم موضوعه لغة كان كذلك ، وإن خوطب به من يفهمه فإنه يفهم منه معنى ، عملا بفهمه موضوعَه لغة ، كما إذا خوطب بـ " هل " من يفهم أن موضوعها الاستفهام ، وكذلك سائر الحروف ، قال : والفرق بينه وبين الاسم والفعل أن المعنى المفهوم منه مع غيره أتم من المعنى المفهوم منه في حال الإفراد بخلافهما ، فالمفهوم منهما في التركيب غير المفهوم منهما في الإفراد " (2) .

وبعد أن استعرضنا أقوال الفريقين يمكننا أن ندرك أن الفرق واضح بين الرأيين ، فالفريق الأول ـ ويشمل جل النحويين ـ مجمع على أن معنى الحرف لا يدرك في حالة انفراده ، أي إذا لم يكن الحرف في بناء من أبنية الكلام المفيد ، كأن نذكر حرف الجر " في " ، أو " إلى " دون ارتباطه بكلام لآخر في جملة مفيدة يحسن السكوت عليها ، وإنما يدرك معنى الحرف ، أو يكون له دلالة لغوية عندما يكون في جملة مفيدة ، لأنه يكتسب معناه ، أو يظهر معناه الكامن في ذاته من خلال تلاحمه مع مفردات الجملة المساندة له ، وهذا معنى قولهم "في غيره " ، فالضمير في غيره عائد إلى الألفاظ ، بمعنى أن الحرف لا يظهر معناه إلا من خلال انضمامه إلى ألفاظ أخرى ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ، 2 ـ اللامات للدكتور عبد الهدى الفضلي ص 56

نقلا عن شرح اللمحة البدرية ج1 ، ص214 .



فكلمة " في " مثلا لا يظهر معناها إلا إذا انضمت إلى كلمات أخرى ، كأن تقول : في الإبريق ماء .

فمعنى الظرفية الذي تدل عليه " في " لم يظهر إلا من خلال انضمامها إلى كلمة " ماء " ، و كلمة " الإبريق " . وشأن الحرف في ظهور معناه في هذه الحالة ، كشأن المبتدأ والخبر ، فكل منهما متمم الفائدة للآخر ، أي لا يتم معنى المبتدأ باعتباره مبتدأ إلا حيث وجد معه الخبر ، وكذلك الحال بالنسبة للحرف ، فمعناه لا يظهر إلا حيث كان معه كلام آخر يوضح دلالته .

أما رأي الفريق الثاني وقد قال به قلة من النحاة ندرك منه أن دلالة الحرف عندهم لا تحتاج إلى مساعد ، أو بتعبير أوضح لا يحتاج إلى بناء لغوي يلتحم معه حتى تظهر دلالته ، وإنما تظهر دلالته في نفسه ، أي منفردا ، كما تظهر حين ارتباطه بكلام آخر ، وهذا ما قصده أصحاب هذا الرأي من عبارة " في نفسه " ، أي أن الحرف يدل على معناه منفردا ، أو ضمن جملة مفيدة ، كما تدل الأسماء ، والأفعال على معناها منفردة ، أو ضمن جملة ، ومثال ذلك إذا قلنا " تحت " فإنها تدل على معنى في حالة انفرادها ، كما تدل على نفس المعنى في حالة تركيبها في جملة ، كقولنا " جلست تحت الشجرة " فدلالة " تحت " وهي اسم منفرد على معنى التحتية كدلالتها على نفس المعنى وهي في بناء لغوي مفيد ، وكذلك إذا قلنا " على " وهو حرف جر يدل على معنى العلو منفردا ، كما يدل على نفس المعنى عندما يكون في جملة مفيدة ، كأن نقول : " الكتاب على المكتب " ، أو " العصفور على الغصن "

وخلاصة القول أن المقصود من دلالة العبارة التي قال بها أصحاب الرأي الثاني " في نفسه " هو أن الحرف يدل على معنى سواء أكان منفردا ، أم في تركيب من تراكيب الكلام المكون لجملة مفيدة .

وفي رأيي المتواضع أن الحرف وإن لم يدل دلالة واضحة على معناه في حالة انفراده ، كما هو الحال في قسيميه من تقسيم الكلمة " الاسم ، والفعل " إلا أنه يحمل في نفسه دلالة ولو خفية يلمحها من تفهم موضوعه لغة ، وأعني بذلك من كان ذا نظر ثاقب ، وفاحص في دراسة النحو ، ولديه إدراك واع لسبر أغوار الحرف ، والوقوف على معناه الخفي ، ولم يكن هذا الأمر مقصورا على الحرف وحده من تقسيم الكلمة ، بل هو أيضا في الاسم والفعل ، وإن كان الأخيران أوضح معنى في حال انفرادهما .

والحرف من وجهة نظري كحجر غير مستو موضوع مع حجارة أخري مستوية ، فهو لا يظهر نفعه في نظر الإنسان العادي ، أما في نظر صاحب الصناعة ، وأعني " البناء " الذي يبني الجدار ، فهو ذو نفع منفردا ، وغير منفرد كغيره من بقية الحجارة المستوية ، وإن كان نفعها يظهر واضحا في نظر الجميع ، فنفعه يكون أكثر وضوحا عندما يشيد به بناء متكامل مع بقية الحجارة المستوية الأخرى . فإذا عوضنا في تمثيلنا السابق عن الحجر غير المستوي بالحرف ، وعن الحجارة المستوية بالاسم ، أو الفعل ، أو بهما معا فإننا نلحظ المعنى المراد من ذلك التمثيل . فالحرف يصدق عليه ما يصدق على ذلك الحجر غير المستوي ، فهو قليل النفع ، أو لا قيمة لغوية له منفردا ، أو لا يكون واضح الدلالة إذا لم يكن في بناء لغوي مفيد ، وهو مع ذلك يحتفظ في نفسه بمعنى يلمحه المشتغل بصناعة اللغة ، والأمر نفسه يكون في الاسم والفعل ، وإن كانت دلالة كل منهما الإفرادية ، والقيمة اللغوية لهما أكثر وضوحا ، وأجلى رؤية من الحرف ، ولكن إذا ما وضع كل منهما في بنية الجملة كان المعنى أظهر ، وأبين ، والقيمة اللغوية حاصلة .

ويمكننا أن نوضح ما ذهبنا إليه آنفا بالتمثيل العملي على النحو التالي :

فإذا قلت " في " ، أو " إلى " ، أو " من " فهي أحرف جر قد لا يظهر معنى كل منها منفردا لغير المتخصص في دراسة النحو ، أو لمن لا يستوعب موضوعها في اللغة ، بينما يظهر معناها منفردة ولو بصورة ضئيلة يلمحها من هو على فهم بموضوعها لغة ، فحرف الجر " في " لا بد وأن يوحي إلى المخاطب به ، أو الدارس بصفة عامة معنى معين يستوحى منه أن هذا الحرف هو أحد أحرف الجر ، وقد تكون الرؤية في ذهنه أوضح عندما يعرف أنه أيضا يدل على الظرفية ، ولكن متى وضع هذا الحرف " في " ، أو غيره من الحروف الأخرى في جمل مفيدة يبرز معناه الذي كان يلمح لمحا ، ويكون واضحا جليا للمتخصص ، بل وربما لغير الدارس المتخصص ، ويدرك أن معنى " في " يفيد الظرفية المكانية إلى جانب الربط بين جزئي الكلام الذي يشكل معه الجملة المفيدة ، كأن نقول مثلا " الكتاب في الحقيبة " ، فلو نزعنا حرف الجر من بين جزئي الجملة ، وهو الكتاب من جانب ، والحقيبة من جانب آخر لصبح معنى كل من الاسمين لا يفيد معنى يحسن السكوت عليه ، وإن كان لكل منهما معناه الانفرادي في نفسه ، وهو معنى أوضح من ذلك المعنى الذي يحمله حرف الجر " في " ، ولكن متى وضعت الألفاظ الثلاث في تركيب واحد وثق الحرف عرى المعاني الظاهرة والخفية في كل من الاسمين من ناحية ، وفي نفسه من ناحية أخرى ، ولو كان الأمر غير ذلك لكان بإمكان الاستغناء عن الحرف كلية وهذا لا يصح . وما قلته في الحرف أقوله أيضا في الاسم والفعل ، وإن كان المعنى الانفرادي لكل منهما أكثر وضوحا من معنى الحرف ، وإذا ما وضع كل منهما في جملة مفيدة كانا أكثر وضوحا ، وأشد التصاقا لإظهار المعنى العام الذي يراد منهما.

ولا يخفى علينا أن هناك بعض التراكيب اللغوية التي تدل دلالة أكيدة على أن الحرف قد يفيد دلالة انفرادية أي : " في نفسه " ، وإن كانت هذه الدلالة غي جلية كما هو الحال في الاسم ، والفعل ، ولكنها مع ذلك دلالة توحي ولو من بعيد بأن الحرف لا يخلو من معنى في نفسه ، ومن هذه التراكيب قولهم : " رغبت في " فحرف الجر " في " في التركيب السابق هو الذي حدد المعنى المطلوب ، وهو الرغبة في الشيء ، وكذلك الحال إذا قلنا : " رغبت عن " فالحرف " عن " هو الذي حدد معنى عدم الرغبة ، والله أعلم .

وهناك نقطة أخيرة سنعرج عليها بالحديث عن الحرف ، وهي تسمية الحرف حرفا ، وما حول هذه التسمية من خلاف أيضا .

ذكر بعض النحويين إنما سمي الحرف كذلك لأنه طرف في الكلام ، وفضلة ، وهو يعني في اللغة طرف كل شيء وشفيره وحدُّه (1) . فقالوا حرف الجبل أي حدّه وهو أعلاه المحدد . وقال البعض : سمي كذلك لنه يأتي على وجه واحد . والحرف لغة هو الوجه الواحد ، ومنه قوله تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف }2 .

أي : يعبده على السراء ، فإذا نزلت به الضراء انقلب ، وانقطع عن العبادة ، فكانت عبادته لله على غير تمكن ، وطمأنينة ، ويبدو أن الحرف سمي حرفا لأنه طرف في الكلام ، كما أوضحنا ، وأما قوله تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف } ، فهو راجع إلى هذا المعنى ، لأن الشاك كأنه على طرف من الاعتقاد وناحية منه (3) .



ثانيا ـ تقسيم الأحرف من حيث عملها :

تنقسم الحروف من حيث الإعمال ، والإهمال إلى قسمين : ـ

1 ـ أحرف عاملة : وهي الحروف التي إذا دخلت على الاسم ، أو الفعل أثرت في إعرابه ، وغيرته من حالة إعرابية إلى حالة أخرى مغايرة لما كان عليه الاسم ، أو الفعل قبل دخول الحرف عليه ، فإذا دخل حرف الجر على الاسم عمل فيه الجر ، كأن نقول : الطلاب في الفصول ، فكلمة الفصول أصبحت مجرورة بفعل حرف الجر " في " وعمله ، وكذلك إذا دخل حرف النصب " لن " على الفعل ، كأن نقول : لن أقول غير الحقيقة . نجد أن الفعل " أقول " قد تغير شكل أخره بفعل حرف النصب فيه ، فقد عمل فيه النصب ، وهكذا بقية الحروف العاملة ، فهي تنزل بما بعدها من الأسماء ، والأفعال الرفع ، أو النصب ، أو الجزم ، أو الجر ، وسنبين ذلك مفصلا في موضعه إن شاء الله .

ـــــــــــــــــــ

1 ـ القاموس المحيط ج3 ، ص 126 .

2 ـ 11 الحج .

3 ـ الجنى الداني للمرادي ص 24 ، 25 .



2 ـ حروف غير عامله : وهي الأحرف التي إذا سبقت الاسم ، أو الفعل لا تعمل فيه ، ولا تؤثر عليه إعرابيا ، كحروف النداء قبل الاسم ، وحروف الاستفتاح ، والسين ، وسوف ، وقد قبل الفعل ، وغيرها من بقية الحروف غير العاملة ، والتي سنذكرها مفصلة في موضعها . وقد حصر النحاة الحروف العاملة ، وغير العاملة في عدد معين ، وإن كان هذا العدد قل عند البعض ، وزاد عند البعض الآخر بسبب إدخال بعض الحروف في مواضع مختلفة عند بعض النحاة ، وحذفها ، أو عدم العمل بها عند آخرين ، وقد تتبعت هذه الحروف في جل كتب النحو ، واستطعت الوقوف على ستة وتسعين حرفا عاملة ، وغير عاملة .



أقسام الحروف العاملة : ـ

تنقسم الحروف العاملة إلى أربعة أقسام :

أولا ـ حروف تعمل الجر ، ويتراوح عددها ما بين سبعة عشر حرفا في المفصل للزمخشري ، وبين العشرين في الأشموني ، وشرح ابن عقيل ، والثلاثة وعشرين حرفا في رصف المباني ، وإليكها كما ذكرها الزمخشري :

الباء ، التاء ، اللام ، الكاف ، الواو ، من ، عن ، في ، مذ ، إلى ، على ، حتى ، منذ ، حاشا ، خلا ، عدا . وقد أضاف عليها الأشموني ، وابن مالك : كي ، لعل ، متى .

وأضاف عليها المالقي : مُن بضم الميم ، ومعْ الساكنة العين ، ولولا .

فالحروف التي ذكرها الزمخشري لا حاجة لنا في الحديث عنها لأنها مفصلة في باب المجرورات ، أما زيادة " كي ، لعل ، متى " عند ابن عقيل والأشموني فسنفصل الحديث فيها الآن .



1 ـ كي :

إن منشأ الخلاف حول اعتبار " كي " حرفا من حروف الجر أو عدمه يرجع إلى أن " كي " لها استعمالات أخرى غير الجر وهي :

أ ـ تأني حرفا مصدريا ونصب بمعنى " أن " ، وغلب ورودها مع اللام لفظا نحو : نحو : ادرس لكي تنجح . أو تقديرا ، نحو : ادرس كي تنجح .

124 ـ ومنه قوله تعالى : { لكي لا يكون على المؤمنين حرج }1 .

فهي ناصبة للفعل بنفسها لاقترانها بلام التعليل ، وإذا لم تتصل باللام يجوز فيها أن تنصب بنفسها ، أو بأن المصدرية المقدرة .

125 ـ كقوله تعالى : { فرددناه إلى أمه كي تقر عينها }2 .

ومتى سبقت " كي " بلام التعليل الجارة كانت حرفا ناصبا ليس غير ، والمصدر المؤول منها ومن الفعل يعرب في محل جر بلام التعليل .

كقوله تعالى : { لكي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم }3 .

وإذا لم تتصل باللام فيجوز فيها أن تكون تعليلية جارة للمصدر المؤول من " أن " المضمرة وجوبا ، والفعل المضارع بعدها (4) .

نحو : عاقبت المهمل كي يعمل الواجب .

ب ـ تأتي حرفا للتعليل ، ولا تجر إلا " ما " المصدرية والفعل بعدها مرفوع .

38 ـ كقول عبد الأعلى بن عبد الله :

إذا أنت لم تنفع فضر فإنما يرجى الفتى كيما يضر وينفع

وكذلك إذا جاء بعدها " ما " الاستفهامية .

نحو : كيم فعلت ذلك ؟ أي : لم فعلت ذلك ؟

وفي رأيي من هذا التصور لمفهوم " كي " اختلف النحاة في اعتبارها حرفا للجر ، أو عدم اعتبارها ، لأنها لم تتخصص للجر كغيرها من حروف الجر ، أو لغرابة الجر بها ، فهي لا تجر كما ذكرنا إلا " ما " المصدرية ، أو " ما " الاستفهامية ، أو المصدر المؤول من " أن " والفعل المضارع .

ـــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 37 الأحزاب . 2 ـ 13 القصص .

3 ـ 17 الحشر .

4 ـ انظر كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1 ، ص 255 .



2 ـ لعل :

إن المتداول في الاستعمال بين النحاة ، أن تكون لعل حرفا مشبها بالفعل من أخوات إن ، يفيد الترجي ، وهو الأمر المحبوب . نحو : لعل الله يرحمنا .

كما تفيد الإشفاق ، والتعليل .

126 ـ نحو قوله تعالى : { فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى }1 .

أو الاستفهام . نحو قوله تعالى : { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا }2 .

أما استعمالها كحرف من حروف الجر فهذا هو المستهجن لأنها لا تكون كذلك إلا في لغة عقيل ، وما استخدم في لغات بعض القبائل لا يطبق كقاعدة عامة .

ومن أمثلة استعمالها حرف جر في لغة عقيل قول الشاعر * :

لعل الله فضلكم علينا بشيء أن أمّكم شرِيم

ومنه قول كعب بن سعد الغنوي :

" لعل أبي المغوار منك قريب "

والشاهد في البيتين السابقين قوله : لعل الله ، ولعل أبي ، فلعل حرف ترج وجر شبيه بالزائد ، وجر بها لفظ الجلالة ، ولفظ أبي على لغة عقيل .

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل كون " لعل " وردت في البيتين السابقين ، أو في غيرهما على قلة ، وفي لغة بعض القبائل ، وربما ورد ذلك خطا من القائلين ، أو ممن نقل عنهما ، هل تعتبر لعل حرفا من حروف الجر ؟ سأترك الأجابة للدارس يحكم العقل ، والمنطق ، ويقرر .



3 ـ متى :

الجر بها لغة هذيل ، وقد عدها النحاة بمعنى " من " ، أو " في " .

يقولون : أخرجها متى كمه ، والمعنى : من كمه .

ومنه قول عمرو بن كلثوم :

أخيل برقا متى حاب له زجل إذا يفتر من توماضه حلجا

ــــــــــــــــ

1 ـ 44 طه . 2 ـ 1 الطلاق .



39 ـ ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي :

شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج

الشاهد في البيتين قولهما : متى حاب ، ومتى لجج . حيث جُرت حاب ، ولجج بـ " متى " في لغة هذيل . وفي رأيي أن هذه لهجات لا يعتد بها .

أما ما زاده المالقي من حروف جارة فهو : مُن ، ومعْ ، ولولا .

1 ـ مُن :

حرف جر للقسم ، ولا تدخل إلا على كلمة " الرَّب " ، ويجوز في نونها الإظهار ، والإدغام مع راء " رب " ، ويعلق صاحب رصف المباني عليها بقوله : " والأظهر عندي أن تكون اسما مقتطعا من " ايمُن " التي هي اليمن عند سيبويه رحمه الله ، وجمع " يمين " عند الفراء ، إذ قالوا : ايمن الله لأفعلن ، وقد استدل المالقي على ما ذكر بوجهين :

أحدهما : أن معنى " من ربي " ، و " ايمن الله " واحد ، وليست حرف جر لأنها لو كانت حرف جر لأوصلت ما بعدها إلى ما قبلها ، ولا يستقيم هنا أيضا لها لفساد المعنى .

والثاني : أنّا وجدنا " ايمن " يحذف منها النون فيقال " ايم الله " والألف والياء والنون فيقال : " مَ الله " بالفتح والضم والكسر ، ولا يبعد أن تحذف ألفها وباؤها فتبقى

" مُن " فيكون هذا الحذف من التصرف فيها به ، كما تصرِّف فيها بغيره من الحذف ، إلا أنها لما لزمت الرفع بالابتداء في القسم لا غير ، واتصلت بالمقسم به اجتمعت ضمة ميمها مع ضمة نونها ، مع حركة ما بعدها فجرت مجرى " طُنُب " ، و " عُنُق " فخففت بالسكون فقيل " طُنْب " ، و " عُنْق " ، ولذلك جاز إظهار نونها مع الراء دلالة على أصل التحريك (1) .

ونخلص من كلام المالقي أن " مُن " تكون اسما ، ولا تكون حرفا استنادا لما دلل به ،

ــــــــــــــــ

1 ـ رصف المباني ص 391 ، 392 .



ناهيك ‘ن إهمال النحاة لها كحرف من حروف الجر ، وعدم ذكرها البتة .

2 ـ معْ :

ومن الحروف التي ذكرها المالقي ضمن حروف الجر " معْ " بتسكين العين ، فقال : " أعلم أن " مع " تكون ساكنة العين ، وتكون متحركتها ، فإذا كانت متحركتها فهي اسم مضاف إلى ما بعدها منصوب على الظرفية ، وتنون فيقال : معا .

فمثال مجيئها اسما 127 ـ قوله تعالى : { إن مع العسر يسرا }1 .

ومنه قوله تعالى : { قال كلا إن معي ربي سيهدين }2 .

ومثال مجيئها منونة غير مضافة قولنا : جاء الرجلان معا ، وهي حينئذ حال منصوبة .

ومنه قول امرئ القيس :

مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل

40 ـ ومنه قول الصمة القشيري :

حننت إلى ريا ونفسك باعدت مزارك من ريا وشعباكما معا

وإذا سكنت عينها فهي غذ ذاك حرف جر معناه المصاحبة ، والعامل فيها فعل وما جرى مجراه كسائر حروف الجر ، ولا يحكم فيها بحذف ، ولا وزن ، ولا يسأل عن بنائها لثبوت الحرفية فيها " (3) .

ومن الأمثلة على حرفيتها قول الراعي النميري كما ورد في كتاب سيبويه ، وهو 41 ـ لجرير في ديوانه :

فريشي منكم وهواي معْكم وإن كانت زيارتكم لماما

الشاهد في البيت قوله : معْكم ، فهي جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر لـ " هواي " ، والتقدير : هواي كائن معكم .

ــــــــــــــــ

1 ـ 6 الشرح . 2 ـ 62 الشعراء .

3 ـ رصف المباني ص 394 .



ولا يخفى ما في ذلك من توهم لأن " مع " ظرف يفيد المصاحبة ، وقبل بدخول حرف الجر عليه ، وينون ، ولكن ربما يكون لمن قال بحرفيته العذر على اعتبار تسكين حرف العين ، فيكون التسكين قد أخرج الكلمة من الظرفية إلى الحرفية .

3 ـ لولا :

عد كثير من النحويين " لولا " ضمن حروف الجر ، إذا اتصل بها الضمير ، سواء أكان مخاطبا ، نحو : لولاك ، أم غائبا ، نحو : لولاه ، أم متكلما ، نحو : لولاي ، ومن ذهب من النحاة هذا المذهب : سيبويه ، وأصحابه ، فقال : " لولاك ، ولولاي ، إذا أضمرت الاسم فيه جُرَّ " (1) .

ويعني بقوله هذا : أن لولا إذا اتصل بها الضمير تكون حرف جر ، والضمير في محل جر بها ،

42 ـ كقول رؤبة :

وكم موطن لولاي طحت كما هوى بأجرامه من قلة النبق منهوي

الشاهد : لولاي ، حيث جر الضمير بـ " لولا " ، وهي من حروف الابتداء بدليل أن تلاها ضمير ظاهر منفصل ، وما بعدها يكون مرفوعا على الابتداء ، وخبره واجب الحذف ، نحو : لولا أنت لفعلت كذا .

فلولا : حرف امتناع لوجود " امتناع الجواب لوجود الشرط ، والضمير الظاهر المنفصل في محل رفع مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : موجود .

ومن النحاة من يميل إلى ما قاله الأخفش ، وبعض الكوفيين : بأن " لولا " تيقى على عملها وهو : الرفع إذا تلاها ضمير مظهر ، نحو لولاك ، ولولاي ، ولولاه .

واستدل على صحة رأيه من وجهين :

1 ـ أن مجيء لولا حرف جر يعني ذلك دخول حرفين على معمول واحد ، ويقصد بالحرفين " لو " ، و " لا " لأن لولا مركبة منهما ، وهذا غير موجود في كلام العرب .

2 ـ إذا جعلنا " لولا " حرف جر فإنها تحتاج إلى ما تتعلق به ، لأنها ليست زائدة ،

ــــــــــــــ

1 ـ كتاب سيبوبه ج2 ، ص 373 .



كالباء في بحسبك ، وليس في الكلام ما تتعلق به ، ولا تُقَدر متعلقة به ، ناهيك عن كونها تأتي في أول الكلام ، ولا تحتاج إلى كلام قبلها ، وتكون جوابا له ، وهذا كله معدوم في حرف الجر ، والحكم عليها بأنها حرف خفض ضعيف ، والأولى أن يحكم عليها بالبقاء على كونها حرف ابتداء عند من يرى ذلك (1) .



ثانيا ـ حروف تعمل النصب في الأسماء ، وحروف تعمل النصب في الأفعال :

النوع الأول ويشمل : إنَّ ، أنَّ ، إنْ ، أنْ ، كأنَّ ، لكنَّ ، ليت ، لعل ، ولا النافية للجنس ، " وغنَّ " عند بعض النحاة وسنفصل القول عنها في موضعه .

النوع الثاني ويشمل : أنْ المصدرية ، لن ، إذن ، كيما ، كي ، فاء السببية ، واو المعية ، لام الجحود ، لام التعليل ، حتى ، وحتى ، وذلك عند من عمل بالحروف السابقة دون إضمار " أن " المصدرية .

لقد تعرضنا لنواصب الأسماء مفصلا في بابها ، إلا " غَنَّ " ، وقد جعلها صاحب رصف المباني نظير " لعل " ، و " أنَّ " حيث نصب بها الاسم ، ورفع بها الخبر ، واستشهد على قوله هذا بقول : أبي النجم العجلي نقلا عن أبي القالي في أماليه

" وأغدُ لغَنَّا في الرهان نرسله " (2) .

غير أن الرواية التي أوردها المالقي غير صحيحة فقد وردت في العقد الفريد " لعَنَّا " بالعين ، وليس بالغين من قصيدة :

لأبي النجم العجلي طويلة ، ومطلعها (3) :

ثم سمعنا برهان نأمله قِيد له من كل أفق نرسله

فقلت للسائس قدْه اعجله واغدُ لعَنَّا في الرهان نرسله

ـــــــــــــــــــ

1 ـ كتاب سيبوبه ج2 ، ص 373 .

2 ـ رصف المباني ص 438 .

3 ـ العقد الفريد لبن عبد ربه ج1 ، ص 172 .



أما الحروف التي تعمل النصب في الأفعال فقد ذكرنا أيضا مفصلة في بابها ولا حاجة لإعادتها .

ثالثا ـ حروف تعمل الرفع في الأسماء ، وهي : ما ، ولا ، ولات ، وإن المشبهات بليس ، وقد وردت تلك الحروف في بابها .

رابعا ـ حروف تعمل الجزم في الأفعال وهي : لم ، لمّا ، إنْ ، إذما ، لا الناهية ، وقد ذكرنا : لم ، ولما ، ولا الناهية في باب الحروف الجازمة للفعل المضارع .

وإن ، وإذما في باب أدوات الشرط الجازمة لفعلين فتبين ذلك رعاك الله .

2 ـ الحروف غير العاملة :

هي الحروف التي إذا سبقت الاسم ، أو الفعل لا تعمل فيه كما ذكرنا ذلك في موضعه ، ومنها ما لا يسبق الاسم ، ولا الفعل ، وتسمى الحروف الجوابية ، وإليك الحروف غير العاملة برمتها :

الألف ، الهمزة ، الميم ، النون ، الفاء ، السين ، الهاء ، الياء ، أجل ، إذا الفجائية ، أل ، ألا ، ألاّ ، إلاّ ، أم ، أما ، أمّا ، إمّا ، أو ، أيّ ، إي ، أيا ، إيّا ، بجل ، بل ، بلى ، ثم ، جلل، جير ، إذ ، كلاّ ، لكنْ ، لو ، لوما ، نعم ، قد ، سوف ، ها ، هيا ، هل ، هلاّ ، وا ، وي ، يا .



تقسيم الأحرف من حيث مكانها في الكلام :

تنقسم جميع الحروف عاملة ، وغير عاملة من حيث مكانها في الكلام إلى ثلاثة أقسام :

1 ـ حروف تأتي قبل الاسم .

2 ـ حروف تأتي قبل الفعل .

3 ـ حروف تأتي قبل الاسم ، والفعل .



أولا ـ الحروف التي تأتي قبل الاسم :

1 ـ حروف الجر : وهي حروف عاملة الجر في الاسم .

2 ـ حرف الاستثناء : إلا ، وهو حرف عامل النصب في الاسم ، وذكر في بابه .

3 ـ حروف النفي : وهي تعمل النفي في الاسم ، ويكون بعدها مرفوعا ، وذكرت في بابها .

4 ـ الحروف المشبهة بالفعل " إن وأخواتها " ، ولا النافية للجنس ، وكلها تعمل النصب في الاسم ، وقد ذكر كل منهما في بابه .

5 ـ حروف النداء ، وهي حروف غير عاملة ، وذكرت في باب النداء .

6 ـ واو المعية ، وفي عملها خلاف بين النحاة ، راجع ذلك في باب المفعول معه .

7 ـ حرفا المفاجأة : إذا ، وإذ ، وهما غير عاملين .

نحو : خرجت فإذا رجل بالباب . الاسم بعدها مبتدأ ، وخبره واجب الحذف .

ونحو : علمت أن صديقي قد شفي إذ هو مريض . ما بعدها مبتدأ وخبر .



8 ـ حرفا التفصيل : أمّا ، وإمّا ، وهما غير عاملين .

أ ـ أمّا : وتأتي :

1 ـ حرف شرط غير جازم تلازم الفاء جوابها كثيرا .

128 ـ نحو قوله تعالى : { فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم }1 .

2 ـ حرف تفصيل وجوابه مقترن بالفاء وجوبا .

129 ـ نحو قوله تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر }2 .

3 ـ وتأتي حرف توكيد ، 43 ـ كقول الشاعر :

أما أنا فكما علمت فهل لوصلك من مقام

تنبيه : يلاحظ أن " أمّا " التفصيلية يشتبه بها لفظان آخران هما :

ــــــــــــــــ

1 ـ 36 البقرة . 2 ـ 9 ، 10 الضحى .



أ ـ أحدهما مركب من " أم " المنقطعة ، و " ما " الاستفهامية .

130 ـ نحو قوله تعالى : { أمّا ذا كنتم تعلمون }1 .

ب ـ والثاني مركب من " أن " المصدرية ، و " ما " التي هي عوض من " كان " (2) .

44 ـ كقول العباس بن مرداس :

أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبع

2 ـ إمّا : وتأتي :

أ ـ حرف تفصيل .

131 ـ كقوله تعالى : { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا }3 .

ومنه قول الشاعر :

سأحمل نفسي على آلة فإما عليها وإما لها

ب ـ حرفا للإباحة ، نحو : زرنا إما اليوم وإما غدا .

ج ـ حرفا للشك ، نحو : خرج من المسجد إما محمد وإما محمود .

د ـ حرفا للإبهام .

132 ـ كقوله تعالى : { وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم }4

هـ ـ حرفا للتخيير .

133 ـ كقوله تعالى : { إما أن تلقي وإما أن نكون أول الملقين }5 .

ح ـ وتأتي مركبة من " إن " الشرطية ، و " ما " الزائدة .

134 ـ نحو قوله تعالى : { إما تخافن من قوم خيانة فانبِذ إليهم }6 .

ــــــــــــــــــــــــ

1 ـ 84 النمل .

2 ـ راجع كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج ، ص

3 ـ 3 الإنسان . 4 ـ 106 التوبة .

5 ـ 65 طه . 6 ـ 58 الأنفال .



45 ـ ومنه قول الشاعر :

أيا راكبا إما عرضت فبلغن نداماي من نجران أن لا تلاقيا

9 ـ حروف التنبيه ، وهي : ها ، يا ، أما ، ألا ، وكلها غير عاملة .

أ ـ ها : حرف تنبيه يدخل على الآتي :

1 ـ أسماء الإشارة ، نحو : هذا ، هذه ، هذان ، هاتان ، هؤلاء .

135 ـ ومنه قوله تعالى : { هذا سراط مستقيم }1 .

2 ـ على ضمير الرفع . نحو : ها أنا ذا . وتكتب أيضا " هأنذا " .

136 ـ ومنه قوله تعالى : { ها أنتم أولاء تحبونهم }2 .

3 ـ وتدخل على " أي " ، و " أية " وصلتي النداء للمنادى المعرف بأل .

نحو قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله }3 .

137 ـ وقوله تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة }4 .

4 ـ وتدخل على إنَّ المشبهة بالفعل . نحو : ها إن محمدا قادم .

ومنه قول النابغة :

ها إنَّ تا عذرة إنْ لم تكن نفعت فإن صاحبها قد تاه في البلد

ب ـ يا : حرف تنبيه إذا لم يليها منادى ظاهر .

138 ـ نحو قوله تعالى : { يا ليتني مت قبل هذا }5 .

ومنه قوله تعالى : { ألا يا اسجدوا لله الذي يخرج الخبء }6 .

على قراءة من أفرد " يا " وجعل اسجدوا فعل أمر ، وهي قراءة الزهري والكسائي (7) .

ــــــــــــــــــ

1 ـ 36 مريم . 2 ـ 119 آل عمران .

3 ـ 20 الأنفال . 4 ـ 27 الفجر .

5 ـ 23 مريم . 6 ـ 25 النمل .

73 ـ رصف المباني ص 514 .



47 ـ ومنه قول الشاعر :

ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثم اسلمي ثلاث تحيات وإن لم تكلمي

ومنه قول الآخر :

يا هل تعود سوالف الأزمان أو لا فمتصرف إلى الحدثان

وقال بعض النحاة : إن " يا " فيما سبق حرف نداء ، والمنادى محذوف للعلم به ، والتقدير : يا قوم في الآيتين ، وفي الشاهد الأخير ، ويا فلانة في الشاهد الأول .

أما إذا تلا " يا " المنادى كانت حرف نداء للقريب ، والوسط والبعيد ، ومن في حكم المنادى كالنائم ، والساهي .

نحو : يا معلم ارع تلاميذك ، ويا محمد لا تهمل الواجب .

ونحو : يا طالعا جبلا . ويا نائم استيقظ . وللمزيد راجع باب النداء .

ج ـ أما : حرف تنبيه ، واستفتاح للحال ، وكثيرا ما يليها القسم .

نحو : أما والله لأعاقبن المسيء .

وتستفتح بها الجمل الاسمية ، والفعلية على حد سواء .

مثال الاسمية : أما محمد قائم .

ونحو : أما إن المعلم المعلم بعلمه يخدم المجتمع بعلم فذلك أمر لا ريب فيه .

ومثال الفعلية : أما قام أخوك . وأما استيقظ محمد .

48 ـ ومنه قول أبي صخر الهذلي :

أما والذي أبكى وأضحك والذي أمات وأحيا والذي أمره الأمر

د ـ ألا : حرف استفتاح للتنبيه ، والدلالة على تحقيق ما بعدها ، وتدخل على الجمل الفعلية، والاسمية ، كما هو الحال في " أما " .

139 ـ نحو قوله تعالى : { ألا يوم يأتيه ليس مصروفا عليهم }1 .

ومثال دخولها على الأسماء .

ـــــــــــــــ

1 ـ 8 هود .



140 ـ قوله تعالى : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم }1 .

ومنه قوله تعالى : { ألا لعنة الله على الظالمين }2 .

ومنه قول لبيد :

ألا كل شيء ما خلا الله باطلا وكل نعيم لا محالة زائل

49 ـ ويكثر مجيء النداء بعدها كقول امرئ :

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثل

وتأتي " ألا " لمعان أخرى لا يتسع لها المجال لذكرها (3) .

ــــــــــــــــــ

1 ـ 62 يونس . 2 ـ 18 هود .

3 ـ راجع للاستزادة كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.mega4up.com
 
حروف المعاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تتمة حروف المعاني
» زيادة " ما " بعد بعض حروف الجر
» اضف موقعك في دليل احساس المعاني واكسب الارشفه والتفعيل فوري
» اضف موقعك في دليل احساس المعاني واكسب الارشفه والتفعيل فوري
» الوحدة الثانية الجزء الأول أولا : حروف المـــد : ـ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشربينى للبرمجيات واشهار المواقع والمنتديات  :: 

اللغة العربية  :: النحو العربى

-
انتقل الى: