داليا مجاهد
داليا مجاهد .. سيدة مسلمة مصرية أمريكية سطع اسمها في الشهور القليلة الماضية متزامناً مع تولي الرئيس الحالي باراك أوباما مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم تعيينها كمستشار الرئيس الأمريكي للشئون الإسلامية، ويظهر دورها قوياً خلال الأيام القليلة القادمة كمستشارة لأوباما في خطوته القادمة بزيارة القاهرة وتوجيه خطابه للعالم الإسلامي من خلالها.
وأصبحت الصورة السياسية لشخصيات أمريكا تضم بين أطرافها وجه جديد لسيدة مسلمة ترتدي الحجاب، لها الصلاحية الكافية لتقديم المشورة والنصيحة للرئيس الأمريكي.
النشأة
ولدت داليا مجاهد في حي السيدة زينب وهو احد الأحياء الشعبية الشهيرة في مصر، نشأت في أسرة من الطبقة المتوسطة ولم تمكث بمصر سوى الخمس سنوات الأولى من عمرها لتهاجر مع أسرتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي أمريكا تلقت دراستها وخطت خطواتها الأولى في المجال العملي، التحقت داليا بإحدى الجامعات المرموقة في ولاية ويسكونسن وحصلت على بكالوريوس في الهندسة الكيميائية، ثم حصلت على ماجستير في إدارة الأعمال .
لم يكن نجاحها في حياتها راجع لمحض الصدفة ولكن جاء بناء على سنوات من العمل والاجتهاد، ففي فترة الصيف عملت كمهندسة متدربة بمصنع للورق بمدينة صغيرة في ويسكونسن، وذلك عندما كانت في التاسعة عشر من عمرها، وكانت مسئولة عن عدد من الفنيين هناك.
وربما تكون داليا قد تأثرت في خطواتها بوالدها والذي عمل أستاذاً للهندسة بجامعة ويسكونسن، وعمل مديراً لمركز ماديسون للدراسات الإسلامية.
تدرجت داليا في المناصب المختلفة حتى أصبحت رئيس مركز جالوب لبحوث العالم الإسلامي، والذي يقوم بالعديد من الأبحاث والإحصاءات المتعلقة بالمسلمين في العالم، ويعد الأبرز في هذا الميدان، وتظهر دراساته في عدد من الصحف والدوريات البارزة مثل "وول ستريت جورنال" و"هارفارد إنترناشيونال ريفيو".
في البيت الأبيض
ظهر اسم داليا مجاهد على الساحة الأمريكية والعالمية عقب تعينها في المجلس الاستشاري حول الأديان في البيت الأبيض والمؤلف من 25 شخصية بارزة، من قيادات المجتمعات الدينية أو التجمعات الدينية والمذهبية في الولايات المتحدة، وتتمثل مهمة المجلس في رفع تقارير للرئيس حول الدور الذي يمكن للأديان أن تؤديه لمساعدة المجتمع، وذلك عقب القرار الذي وقعه الرئيس الأمريكي أوباما في الخامس من فبراير الماضي، بشأن إنشاء هيئة جديدة في البيت الأبيض تعرف باسم "مكتب البيت الأبيض للأديان والمبادرات المجتمعية" والذي يسعى إلى دعم المؤسسات الدينية التي تساعد أفراد الشعب الأمريكي
تم ترشيح مجاهد بقوة لتقديم الاستشارات لإدارة الرئيس أوباما حيث تمتلك خبرة واسعة في قراءة الرأي العام واتجاهاته بحكم تخصصها وعملها في مركز جالوب.
وأصبحت مهمتها الجديدة هي إطلاع الرئيس أوباما عن كيف يفكر المسلمون.. وماذا يريدون من الولايات المتحدة ؟ والإجابة عن الأسئلة التي تدور حول المسلمين في الولايات المتحدة، في محاولة لتقديم صورة حيادية وصحيحة عنهم.
وداليا هي المسلمة الوحيدة في المجلس إلى جانب مسلم أمريكي أخر من أصول هندية هو إبراهيم بوتال والذي يرأس مؤسسة التعاون والحوار ما بين الأديان في أمريكا.
أكدت داليا الباحثة في شئون الأديان والتي أصبحت المستشار الخاص للرئيس الأمريكي عقب توليها للمنصب أن مسئولي البيت الأبيض لا يعنيهم حجابها وإنما يعنيهم ما يمكن أن تقدمه لهم من أفكار لفهم الإسلام والعالم الإسلامي، من أجل تحسين العلاقات الأمريكية مع مسلمي الولايات المتحدة والعالم، كما قالت أنها تشعر بالفخر لأنها أول مسلمة يتم تعيينها في إدارة الرئيس أوباما.
مجلس الديانات
تقول داليا عن المجلس الاستشاري أنه مثلما يهتم بصورة أمريكا وعلاقتها بالعالم الخارجي وتقريب وجهات النظر، يندرج تحت رايته عددا من مجموعات العمل حول قضايا فرعية ومتنوعة معظمها لا علاقة له بخارج الولايات المتحدة الأمريكية أو العلاقة بين السياسة الخارجية والشعوب الأخرى مثل قضايا الإجهاض وفرص تقليل معدلات هذه الظاهرة، وتقليل الآثار الاجتماعية السلبية للازمة المالية العالمية وزيادة وعي الأسر الأمريكية بالقيم العائلية وأهميتها في التنشئة.
ويدرس المجلس الاستشاري حالياً إحدى الخطوات الهامة وهي عقد جلسات استماع للجنة الاستشارية في العاصمة الأمريكية، ستكون مفتوحة لوسائل الإعلام حتى يتمكن الرأي العام من متابعة أسلوب التفكير وطرق علاج القضايا الشائكة في المجلس.
ومن المنتظر أن يصدر المجلس الاستشاري تقريراً في نهاية العام الحالي حول السياسات التي يجب أن يتبعها الرئيس باراك أوباما في المستقبل حيال القضايا محل قلق واهتمام المسلمين، وهو التقرير الذي من المفترض أن يقدم رؤية واضحة المعالم وأفكار منوعة لكيفية التعامل مع القضايا المختلفة.
خطاب أوباما
يبرز دور داليا كمستشار الرئيس الأمريكي للشئون الإسلامية جلياً خلال هذه الأيام حيث سيقوم الرئيس الأمريكي أوباما بتوجيه رسالته من القاهرة للعالم الإسلامي، وقبل هذه الزيارة الهامة والتاريخية كانت هناك العديد من الاستعدادات والتي كان للمجلس الاستشاري دوراً فعالاً بها، حيث رجع أوباما إليه أولاً بشأن من هي الدولة أو المدينة التي سيلقي منها خطابه التاريخي .
وجاءت توصية داليا بأنه من الضروري أن يكون مكاناً على قدر كبير من الأهمية لكل العالم الإسلامي، وقد كانت نصيحتها بزيارة غزة لكونها خير معبر عن حال المسلمين وما يتعرضون له من مذابح وقيود.
إلا أنه تم اختيار مصر في النهاية لكونها موطن الأزهر ولأنها صاحبة مكانة وملتقى فريد لأكثر من 80 دولة يدرس طلابها في الأزهر الشريف.
وقد قامت داليا بتقديم عدة أفكار لتضمينها في الخطاب التاريخي الذي سيوجهه أوباما للعالم الإسلامي منها انه يجب عدم إغفال سبب غضب المسلمين من الولايات المتحدة.
ونظراً للأهمية الكبيرة التي يمثلها خطاب أوباما فقد حرصت إدارته على استشارة مجلس الحوار بين الأديان في صياغة الحوار الذي سيلقيه الرئيس الأمريكي في القاهرة، وقد قدمت داليا عدة تقارير للمسئولين عن صياغة الخطاب تناولت عدة مقترحات استقتها من الأبحاث المختلفة التي قامت بها والكتاب الذي ألفته مع المفكر الأمريكي جون سبوزيتو لكي يتم التركيز عليها في الخطاب، مع محاولة إيصال فكرة معينة للعالم الإسلامي وهي أن الولايات المتحدة مقبلة على عهد جديد مع الإسلام والمسلمين
وطلبت داليا من لجنة صياغة الخطاب عدم تجاهل الأسباب الأساسية لغضب المسلمين من أمريكا والتي لخصتها في ثلاثة أسباب هي عدم احترام الولايات المتحدة للإسلام والمسلمين والنظر إليهم بطريقة مهينة، ثانياً الحروب البربرية التي شنتها ضد الدول الإسلامية خاصة في العراق وأفغانستان، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ثالثاً هو الإحساس المسيطر على المسلمين بأن الولايات المتحدة تتدخل في شئونهم الداخلية وتحاول فرض سيطرتها السياسية والاقتصادية عليهم.
وهناك من بدأوا بالفعل في مهاجمة أوباما معتبرين أن الخطوات المقدم عليها تمثل تهديد لأمن البلاد، إلا أن داليا أعربت عن اعتقادها بأن أوباما سيمضي في طريقه لأنه يؤمن تماما بأن هذا يخدم مصلحة الولايات المتحدة.
أصدرت داليا كتاب بعنوان "من يتكلم باسم الإسلام – ما يفكر به مليار مسلم" بالمشاركة مع جون إسبوزيتو أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة جورج تاون، ويتحدث الكتاب عن أراء المسلمين في 35 دولة ويغطي 90% من مسلمي العالم، ويعد هذا الكتاب من أكبر الدراسات والأكثرها شمولية التي تمت عن المسلمين.