افتراضي قصة انقلاب حسن البنا على الإمام يحيى من مركز الجماعة فى القاهرة
كاتب الموضوع
رسالة
المديرمحمدالشربينى مدير المنتدى محمدالشربينى
الجنس : عدد المشاركات : 2845نقاط : 62807السٌّمعَة : 0تاريخ الميلاد : 13/04/1985تاريخ التسجيل : 03/01/2010العمر : 39الموقع : www.mega4up.com
موضوع: افتراضي قصة انقلاب حسن البنا على الإمام يحيى من مركز الجماعة فى القاهرة الخميس مارس 11, 2010 12:15 am
> فى 10 سنوات.. جندت الجماعة طلابًا يمنيين فى القاهرة.. وأسست تنظيم «الأحرار فى عدن» وضمت إليه ابن الإمام يحيى < < البنا وضع «الميثاق المقدس» لتحويل اليمن إلى دولة إسلامية.. وأسس شركة تجارية للتستر على نشاط إتباعه فى صنعاء >
الإمام حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ومرشدها الأول، تدخل فى اليمن، قبل تدخل جمال عبدالناصر فيها، ذهب البنا إليها بغرض إعداد العدة للانقلاب على حكم الإمام يحيى بقاعدة أن أرض اليمن ممهدة لانتشار دعوة جماعة الإخوان المسلمين فيها، وشمل التدخل صورا مختلفة كانت شعارا للعمل السرى الذى يمهد للانقلاب، كإرسال المدرسين المصريين المنتمين إلى الإخوان، وتكوين شركات اقتصادية، وتشكيل تنظيم «الأحرار اليمنيين»، الذى جند أحد أبناء الإمام يحيى، وتخلل كل ذلك مراسلات بين البنا ويحيى الذى تم اغتياله فى نهاية المطاف على أيدى معارضيه اليمنيين عام 1948.
الأطفال رهائن من أين بدأت قصة الإخوان المسلمين فى مصر مع اليمن؟. الإجابة عن السؤال، تبدأ من معرفة واقع اليمن تحت حكم الإمام يحيى، والذى بدأ عام 1904 حتى عام 1948، وفرض سياسة العزلة التامة عن العالم الخارجى لخوفه الدائم من الأجانب، كان الإمام أشبه بشخصيات الأمراء الذين ظهروا فى العصور الوسطى، وكانت إدارته للبلاد شخصية تمامًا، فهو السلطة التنفيذية والتشريعية، وثروة اليمن هى ثروته، وكان من النادر أن يغادر عاصمة البلاد صنعاء، أما الأبناء فكان عددهم تسعة ويتولون إدارة كل المراكز العليا فى اليمن، ويسبق أسماءهم لقب «سيف الإسلام»، وهو اللقب الذى يشابه فى مصر لقب «الباشا»، وفى الخليج لقب «الشيخ»، أما أشقاء الإمام وعددهم خمسة فتم طردهم جميعًا من اليمن، وارتكز حكم الإمام لقبائل اليمن على نظام «الرهائن»، كما فعل محمد على فى مصر، وعند موته كان يحتفظ بأربعة آلاف رهينة من أبناء شيوخ القبائل وحكام الولايات كضمان لولائهم له، وعدم الثورة ضده، كان الرهائن من الأطفال ويعيشون فى السجون مع المجرمين واللصوص وقطاع الطرق.. هذا عن الإمام يحيى.. فماذا عن اليمن؟
حال اليمن كان بائسًا، وأصغر قرية مصرية كانت تسبق وقتئذ أكبر مدينة يمنية بخمسمائة سنة على الأقل، والشواهد الدالة على ذلك كثيرة، منها مثلاً، أن اليمن كدولة لم يكن بها سوى 60 سيارة تسير على طرق غير ممهدة، وباخرة واحدة، وطائرة واحدة يستعملها الإمام فقط، أما الشعب فممنوع عليه أن يركب الطائرة حتى لا يطير به فى السماء بينما الإمام على الأرض، وكانت لليمن إذاعة واحدة تعمل نصف ساعة ققط كل يوم خميس بعد المغرب لإذاعة الأخبار الرسمية فقط، وعندما كان يشكو الناس من الضائقة المالية أو غير ذلك، كان يقابل ذلك بطريقته الخاصة القائمة على الجهل والتخلف، ومما هو ثابت فى ذلك أن وزراءه طلبوا ذات مرة زيادة الرواتب حتى لا يثور الناس، فرفض، لكنه اتبع فى رفضه أسلوبًا أغرب ما يكون، تمثل فى ندائه للوزراء والناس، بأن حكومة الجن أصبحت فى حالة فوضى، بعد قتل سلطان الجن، وأنه يحاول تعيين سلطان آخر بدلاً من السلطان القتيل، وحتى يتم تعيين سلطان جديد، على الناس الاحتماء فى بيوتهم، واستخدام القطران على بيوتهم وأبدانهم تحفظًا من الجن، وصدق الناس ما قاله الإمام يحيى، وأقبلوا على شراء القطران، واختبأوا فى بيوتهم خائفين، لأنهم، والجن الذى يمثلهم تحت الأرض بلا سلطان يحكمهم - وبعد استجابة الناس اجتمع الإمام بوزرائه وقال لهم: «مثل هذا الشعب لا يمكن أن يثور على إمامه».
الزبيرى والنعمان هكذا كان حال اليمن، الذى استمر طويلاً، وكان أرضا ممهدة، وطرية لحسن البنا، وجماعة الإخوان المسلمين، رأى البنا أن نقل دعوته إلى اليمن أكثر من مناسب لاعتبارات عدة منها:
◄ إن اليمن طوال التاريخ ظل ملاذًا للدعوات الفكرية والسياسية التى تعرضت للاضطهاد فى دولها وذلك بسبب بعد اليمن عن مركز الخلافة.
◄ إن طبيعة اليمن الجغرافية وخاصة المناطق الجبلية الوعرة وعدم خضوع قبائله للحكام والولاة بسهولة وخلوه من الأقليات الدينية المؤثرة سيكون من العوامل المساعدة على نجاح دعوة الإخوان.
◄ إن اليمن لم يعرف قوانين إلا قوانين الشريعة الإسلامية ولا سلطان للاستعمار عليه. تلك الاعتبارات رسخت فى عقل البنا انطباعًا بأن أرض اليمن ممهدة لانتشار دعوة الإخوان وتحقيق أهدافها المعروفة.. وبدأت الرحلة عام 1937، حين جاء إلى القاهرة من اليمن، الطالبان، أحمد محمد النعمان، ومحمد محمود الزبيرى، التحق النعمان بالدراسة فى جامعة الأزهر، أما الزبيرى فتوجه إلى كلية دار العلوم، والتقى الاثنان فى القاهرة بعض الشخصيات اليمنية الرافضة للأوضاع السائدة تحت حكم الإمام، وكان من هؤلاء الضباط محيى الدين العنسى، وكان ضمن بعثة عسكرية يمنية تتلقى دورة تدريبية فى العراق وعندما انتهت الدورة، جاء إلى القاهرة بدلاً من العودة إلى صنعاء، وزامله فى هذا الاختبار ضباط آخرون منهم سلام فارع ولقمان، والجفرى، والتقى الكل وبعد مداولات ومناقشات قرروا تشكيل تنظيم يجمعهم اسمه «كتيبة الشباب اليمنى»، هدفه نشر أفكار الإصلاح، ونشر القضية على نطاق واسع، كان ذلك عام 1939، فى أوج نشاط جماعة الإخوان، وتمددها فى كل أرجاء مصر، والسؤال.. هل كان لهذا التنظيم علاقة بالإخوان؟
الإجابة تبدأ من معرفة أن النعمان والزبيرى، تعرفا بحسن البنا بعد مجيئهما إلى القاهرة، وتعمقت العلاقة لاهتمام البنا بهما كثيرًا، وهو الاهتمام الذى انتهى بانضمامهما إلى الجماعة، والعمل تحت لوائها ومعهما يمنيون آخرون، ويقول على نصا العنسى الثائر اليمنى: «كنا ندرس فى الأزهر وبدأنا الاتصال بالإخوان المسلمين، ومنهم حسن البنا الذى كان يرى أن اليمن أنسب البلاد التى لها مناخ مناسب للإخوان، وأخذ يهتم بنا اهتمامًا خاصًا»، ويضيف العنسى: «فى هذه اللقاءات كان الإخوان يقولون إنهم مقتنعون بأن الحكم فى اليمن، لا يمثل الإسلام، بل يشوهه، ولهذا فالإخوان ضده».
شهادة العنسى تعد دليلاً على دأب الإخوان وقتئذ على تدعيم العلاقة مع الطلاب الوافدين من الدولة العربية والإسلامية، وأسس البنا لهذا الغرض قسمًا خاصًا أطلق عليه اسم الاتصال بالعالم الإسلامى»، وبذلك أصبح للإخوان عمل منظم وامتداد خارجى، ودعم قضايا العالم العربى والإسلامى، واتخذ صورًا متعددة منها استضافة قادة حركات الجهاد فى الدول العربية والإسلامية بالمركز العام للإخوان المسلمين، وعمل القسم على الاهتمام بالطلاب الوافدين للدراسة فى مصر على أن يكونوا نواة أفكار الجماعة بعد عودتهم لبلادهم، ويمكن القول إن هؤلاء الوافدين كانوا هم نواة التنظيم الدولى للإخوان.
مراسلات البنا ويحيى المفارقة المدهشة فى تتبع مسار الإخوان مع اليمن أن علاقة حسن البنا لم تقف عند المعارضة اليمنية فقط، ولم تقتصر على وضع لبنة أفكاره فى تنظيم سرى يمنى كان فيه الزبيرى والنعمان، وإنما كانت هناك علاقة وطيدة تربطه بالإمام يحيى وولى عهده سيف الإسلام أحمد، وأدى ذلك بصحف الإخوان فى مصر إلى نشر أخبار اليمن، وكذلك تبادل المراسلات بين البنا ويحيى، وضمن الدلائل على قوة ومتانة هذه العلاقة ما حدث فى عام 1938، عندما شارك وفد يمنى برئاسة سيف الإسلام عبدالله ابن الإمام يحيى فى المؤتمر البرلمانى العالمى لمناقشة قضية فلسطين، لجأ الوفد إلى البنا لترشيح سكرتير خاص للوفد اليمنى، فاختار البنا لهذه المهمة محمود أبوالسعود صديق البنا وعضو الإخوان، ورافق الوفد إلى لندن وباريس.
هذا الامتداد فى العلاقة الذى شمل رأس النظام، لم يقلل الامتداد إلى التشكيلات التى سعى إلى تكوينها حسن البنا فى اليمن، وبالعودة إلى الأصل وبالتحديد إلى الزبيرى والنعمان سنجد تواصل المسار الذى بدأ فى القاهرة بتكوين تنظيم أو جماعة «كتيبة الشباب الدينى»، فبعد هذه الخطوة، عاد الزبيرى والنعمان إلى صنعاء وبناء على نصيحة البنا شكلا جماعة «شباب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، وبدأ الاثنان فى نشر برنامج الجماعة فى المساجد، مما أغضب الإمام يحيى، فأمر بإيداع الزبيرى فى السجن، وظل به 4 شهور، خرج بعدها ليقرر هو والنعمان السفر إلى عدن المحتلة من الإنجليز، واتخذ منها قاعدة، وانضم إليهما الكثيرون من اليمنيين، وكونوا جماعة «اليمنيين الأحرار» أو «حزب الأحرار»، ولأن الاحتلال الإنجليزى كان يمنع قيام الأحزاب، تم تغيير الاسم إلى «الجمعية اليمنية الكبرى» 1946 وأصدرت الجمعية جريدة «صوت اليمن كلسان حال لها، ومع تواصل نشاط الجمعية والجريدة وقعت مفاجأة كبرى، تمثلت فى انضمام أحد أبناء الإمام يحيى، وهو سيف الإسلام إبراهيم «إلى الجمعية اليمانية الكبرى»، أى أن أحد أبناء الإمام أصبح معارضا لأبيه، وجرد الأب الابن من لقب «سيف الإسلام»، فأطلقت الجمعية عليه اسم «سيف الحق إبراهيم»، ومع هذه الخطوة داوم الابن «المعارض» لأبيه فى الاتصال بحسن البنا فى القاهرة، وأرسل الإمام يحيى إلى ابنه الذى انشق عن مسار أبيه يسأله عن سر انضمامه إلى الجمعية اليمنية الكبرى، فرد عليه برسالة.
وأضاف الابن في رسالته: يا أبتاه إن سخط الأمة على الأسرة المالكة ناشئ من أولئك الذين يستعبدون الشعب ويجمعون الثروة من النفوس الجائعة العارية والمظلومة وهم بذلك يزعمون أنهم يجمعون لنا قوة وعتادا وهم لم يجمعوا إلا الأحقاد التى تنجم عنها الثورات والمصير الوخيم»، انتهى رد الابن على أبيه، وأعلن الأحرار فى عدن رؤيتهم للإصلاح ودعوا الإمام يحيى أكثر من مرة القيام بإصلاحات شاملة فى اليمن ولكنه رفض، ومع اشتداد الحملة ضده أوفد ولى عهده الأمير سيف الإسلام أحمد إلى عدن فى 15 أبريل 1946 وظل بها حتى 13 مايو 1946 وحاول ولى العهد استقطاب زعيمى المعارضة الزبيرى والنعمان ولكنه فشل وعرضت عليه مطالبهما للإصلاح فوعد بإنشاء جمعية دستورية والقيام ببعض الإصلاحات الأخرى ولكنه لم ينفذ شيئاً.
تنشيط المعارضة الوساطة.. كانت أسلوبا اتبعه حسن البنا بين الإمام يحيى ومعارضيه، وفى هذا الإطار أرسل إلى الإمام يحيى رسالة يحدد له فيها دوره وما يجب أن يكون عليه الحاكم المسلم، قال البنا فى رسالته: «لم يعد بد من أن تقوم فى اليمن حكومة إسلامية مسئولة ذات اختصاص وسلطات واضحة يؤازرها مجلس شورى يمثل طبقات الشعب فلها الرأى الأعلى ولكنه تنظيم يرتفع معه شعور الأمة بحريتها وكرامتها الإنسانية، وكان حرص جلالتكم على سلامة عقيدة الأمة اليمنية وصيانة تقاليدها واستقلالها يحمل دائماً على الحذر من التعجيل بمطالب الإصلاح الذى لابد فيه من الخبراء الأجانب ونحمد الله على أنه وفق البلاد العربية إلى امتياز فى مضمار التقدم الاقتصادى يجعلها كفيلة بإمداد اليمن بما يريده من الخبراء بمجرد إشارة من مولانا الإمام بقى أن اتقدم إلى جلالتكم مستأذنا فى شأن ابنائكم فى المهجر الذين دفعتهم الغيرة وحب الخير للدولة والأمة والله فتنادوا بالمطالب الإصلاحية ودعوا إلى الأخذ بأسباب التقدم العمرانى تدفعهم حماسة الشباب إلى شىء من التطرف».
الرسالة التى تأخذ نهج النصح والإرشاد تزامن معها دور قيادى قام به البنا فى تنشيط حركة المعارضة وتحديد أهدافها السياسية أو فى الإعداد للإنقلاب وتنفيذه ودعمه وفتح الإخوان صدر صحفهم لشن حملات دعائية ضد الحكم القائم فى اليمن.
وفى موسم الحج عام 1946، التقى حسن البنا بالقاضى عبدالله الشماخى، المعارض اليمنى، وكان مبعوثا من قياديين فى المعارضة أيضاً، هما أحمد المطاع وعبدالله الوزير، وإليه نقل الشماخى الصورة البائسة لليمن، وطلب من البنا فتح أبواب الجماعة للشباب اليمنى الذى يأتى إلى القاهرة بغرض الدراسة، وإرسال مدرسين مصريين ينتمون إلى الإخوان فى بعثات لليمن، وكان من هؤلاء الدكتور مصطفى الشكعة - عميد كلية الآداب بجامعة يعن شمس - فيما بعد.. والذى أشرف على الإذاعة فى صنعاء عقب قيام ثورة 1948، ومقتل الإمام يحيى، وبلغت ذروة تحرك البنا، بإرساله الفضيل الورتلانى إلى اليمن، والورتلانى جزائرى الجنسية أنضم إلى الإخوان، وحدد البنا مهمته فى اليمن فى التنسيق بين المعارضة اليمنية فى الداخل والخارج.
زوج زينب الغزالى ولكن كيف سيدخل الورتلانى اليمن، ويمارس نشاطه السياسى والدعوى دون علم أجهزة الإمام يحيى، فكر البنا فى حل هذه المشكلة، وتفتق الذهن إلى فكرة سفر الورتلانى، كمندوب عن محمد محمد سالم - صاحب شركة أتوبيس الشرقية -.
وسالم كان صديق حسن البنا وزوج السيدة زينب الغزالى أحد رموز جماعة الإخوان فيما بعد، وذهب الورتلانى ليؤسس فى اليمن شركة تجارية، ورافقه فى هذه الرحلة الدكتور أحمد فخرى - عالم الآثار الشهير وعضو الجماعة وقتئذ- وكان سفره بغرض عمل دراسات عن آثار اليمن.
لكن الورتلانى لم يدخل بالطريقة التى فكر فيها البنا، ودخل رسمياً، فكيف تحقق له ذلك؟ هناك علاقة كانت تربط بين الإمام البدر حفيد الإمام يحيى وجماعة الإخوان بدأت بلقاء بين البدر - وكان يبلغ وقتئذ 19 عاماً - والبنا والورتلانى، وذلك أثناء زيارة قام بها البدر إلى مصر - وزار خلالها المركز العام للجماعة، وتعرف على البنا والورتلانى، ونظم الاثنان له رحلة إلى مدينة الفيوم، وعلى خلفية هذا التعارف، أبلغ الورتلانى الأمير البدر رغبته فى السفر إلى اليمن وتأسيس شركة تجارية، فتوسط البدر لدى جده وأبيه لتحقيق ذلك، وأذن الإمام يحيى له بالدخول ووافق له على تأسيس الشركة اليمانية للتجارة والصناعة والزراعة والنقل، وأصدر مرسوماً حكومياً بتشكيلها والموافقة على قانونها ومنحها امتيازا مؤقتا فى الغاز والسكر لمدة ثلاث سنوات وكانت هذه الشركة ستارا لنشاط الإخوان المسلمين فى اليمن، وحقق الورتلانى نجاحاً اقتصاديا، وكان لهذا النجاح بالإضافة إلى سمعته كقائد إسلامى وعدو للأوروبيين الفضل فى ترقية وضعه لدى الإمام يحيى، وبسرعة أقام الورتلانى علاقة قوية مع الشباب المعارضين للإمام وبعض الطامحين فى الإمامة مثل آل الوزير، وكان يقول أن هذه الصلات هى من أجل رفاهية اليمن وإيجاد شكل عصرى للإسلام فى البلاد يقوده الإخوان المسلمون ولم تثر رحلاته العديدة إلى عدن والمرتبطة بنشاطه الاقتصادى أى شكوك لدى الإمام يحيى وبسرعة أصبح الورتلانى همزة الوصل بين «الإحرار اليمنيين» فى عدن وقوى المعارضة وعلى اتصال دائم بالشيخ حسن البنا فى القاهرة.
الورتلانى كان يأمل - رغم ما كان قد سمعه من المعارضين للإمام يحيى وأسرته فى مصر وعدن - فى اقناع الإمام وولى عهده سيف الإسلام أحمد للقيام بإصلاحات وجلس معهما ناصحا متحدثا وخطب فى جوامع تعز وصنعاء وحرر الرسائل اليهما وإعد «تقريرين» مفصلين أحدهما سياسى والآخر اقتصادى وقدمهما إلى الإمام يحيى، وأرسل نسخة من التقريرين إلى حسن البنا فى مصر.
صحيفة «الإخوان المسلمين» نشرت فى 3 أغسطس 1947 التقرير السياسى بمقدمة للشيخ حسن البنا قال فيها: «العالم العربى والإسلامى كله رجاء فى أن يسرع جلالة الإمام مؤيدا مشكورا بإقرار النواحى الإصلاحية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية التى تنهض بشعبه حتى لا يدع ثغرة ينفذ منها الاستعمار الأجنبى».
الميثاق المقدس وبعد شهرين تقريباً من نشر التقرير عاد الورتلانى إلى القاهرة وتقابل مع حسن البنا واتفقا على ضرورة تغيير الإمام يحيى ووضع الورتلانى وحسن البنا الخطوط العريضة الأولى لمشروع التغيير والذى أطلقوه عليه «الميثاق المقدس» «20 صفحة» ليكون اليمن نواة لدولة الإسلام إذا نشأت ونمت على مبادئ قرآنية واعترف محمود عبدالحليم - أحد قادة الإخوان فى كتابه - «أحداث صنعت التاريخ» بأن فكرة إعداد الشعب اليمنى للثورة نبتت فى المركز العام للجماعة، وعاد الورتلانى إلى اليمن مرة أخرى واستطاع أن يؤلف بين كل المعارضين وجعلهم يوقعون على «الميثاق الوطنى المقدس» فى 14 سبتمبر 1947، قائلاً: هذا الميثاق تم بمعرفة وإطلاع ومباركة زعيم الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا، ووقع اختيار الجميع على عبدالله الوزير إماما لليمن فى حالة نجاح الثورة ولم يبق أمامهم إلا التنفيذ اتفقوا أن يتم ذلك بعد وفاة الإمام يحيى فهو فى الثمانين من عمره ومريض ويتحرك بصعوبة، وأعدت فى عدن خطة الثورة والبيان الذى سيصدر بإعلانها وقام الإخوان بطبع هذا كله، ولكن حدثت مفاجأة أربكت الجميع بمن فيهم حسن البنا والإخوان فى مصر.
لمعلوماتك.. ◄ أسس حسن البنا «قسم الاتصال بالعالم الاسلامى» الخاص بالإخوان.
◄ صحف الإخوان: قبل ثورة يوليو شملت جرائد يومية ومجلات أسبوعية، وهى جريدة «الاخوان المسلمون» اليومية، برئاسة صالح العشماوى، ومجلة الكشكول، ومجلة النذير ، والشعاع، وجريدة الإخوان المسلمون «الأسبوعية»
بواسطة المهندس محمد الشربينى
افتراضي قصة انقلاب حسن البنا على الإمام يحيى من مركز الجماعة فى القاهرة