الجنس : عدد المشاركات : 2845نقاط : 62817السٌّمعَة : 0تاريخ الميلاد : 13/04/1985تاريخ التسجيل : 03/01/2010العمر : 39الموقع : www.mega4up.com
موضوع: افتراضي استقلال دولة فلسطين الموافق اليوم 15 11 الخميس مارس 11, 2010 10:40 am
(( كلمة الرئيس بمناسبة الذكرى السابعة عشر الإعلان الاستقلال رام الله 15/11/2005 ))
بسم الله الرحمن الرحيم أيتها الأخوات أيها الإخـوة أبناء شعبنا العظيم في فلسطين والشتات
من الجرح النازف والصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني في الشتات، وانتفاضته الأولى على امتداد أرض الوطن، التي أعادت الموضوع الفلسطيني إلى أرضه، سطع إعلان استقلال دولة فلسطين، وأقر برنامج السلام الفلسطيني في دورة المجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة في العاصمة الجزائرية في الخامس عشر من شهر تشرين ثاني- نوفمبر عام 1988 بإجماع ممثلي الشعب وقواه المختلفة.
منذ ذلك اليوم، مرت تسعة عشرة سنة على إعلان استقلال دولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف. وعلى مسافة أربعة أيام من مرور الذكرى الأولى لرحيل صاحب الإعلان التاريخي القائد الرمز ياسر عرفات، مازال سؤال: متى ستقوم الدولة ويحقق الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله؟ مطروحاً أمام ضمير العالم حتى يومنا هذا.
لقد ولد إعلان الاستقلال، وبالتوازي معه برنامج السلام استجابة للظروف والشروط التي نشأت بفعل التضحيات والبطولات التي اجترحها شعبنا العظيم خلال سنوات الجمر في الشتات، والانتفاضة الأولى، معمدةً بنار الصمود على أرض الِّرباط، فكان لا بد من استثمار هذه التضحيات حتى لا تذهب هباء، فبزغ إعلان الاستقلال. وكان لابد أيضاً من صياغة رؤيةٍ ورسالة فلسطينية إلى شعب فلسطين والعالم، فأصبح برنامج السلام أمراً واجباً، وتطويراً ضرورياً وخلاقاً للبرنامج الوطني الفلسطيني. . برنامج الدولة الفلسطينية المستقلة، وحق العودة، وتقرير المصير.
ولم يطل الوقت، حيث وصلت الرسالة الفلسطينية إلى مشارق الأرض ومغاربها، بلغة واضحة لا لبسَ فيها ولا غموضَ وإلى كل من يعنيه الأمر، فتتابعت وتتالت الاعترافاتُ بإعلان الاستقلال من معظم دول وشعوب الأرض، وخطى شعب فلسطين وقيادته خطوة واسعةً أخرى باتجاه تحقيق حلم الدولة، والاستقلال الوطني الناجز.
وعلى أَثر إعلان الاستقلال وإقرار برنامج السلام، انفتحت طرق، وشُرِّعَت نوافذ وأبواب ظلت موصدة سنوات طويلة في وجه الحق الفلسطيني، فبدأ الحوار الفلسطيني الأمريكي، وعلى مقربة زمنية منه انطلق مؤتمر مدريد للسلام، وبحضورٍ مدوٍ هو الأول من نوعه لوفدٍ فلسطينيٍ - أردنيٍ مشترك، بمسارين، كرّس حضور ممثلي الشعب الفلسطيني، بعدما باءت بالفشل حروب الإقصاءَ والتغييب والاحتواء، وجلس الوفد الفلسطيني قبالة الوفد الإسرائيلي، على مرأى من العالم أجمع. لقد أملت تطورات المفاوضات في واشنطن آنذاك، وانسداد أفقها، على القيادة الفلسطينية فتح قناة أوسلو الخلفية، التي عُرف فيما بعد الاتفاق الفلسطيني - الإسرائيلي للمرحلة الانتقالية باسمها، وأسفر عن نتيجتين حاسمتين ما تزالان ماثلتين أمام كل عين: الأولى بدء المرحلة الأولى من رحلة الإياب الفلسطيني إلى الأرض الفلسطينية، بعد نحو نصف قرن من اللجوء والشتات، وثانياً الاعتراف الإسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني، وبهذا المعنى فقد حقق اتفاق أوسلو رغم طابعه الانتقالي، تطوراً استراتيجياً لا يمكن التقليل من شأنه. فإسرائيل التي قامت على وهم نفي وجود الشعب الفلسطيني، اضطُرت للاعتراف به وبممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، واستطراداً، اخترق هذا الحق أوساطاً واسعةً في الطبقة السياسيةِ الإسرائيلية، وأصبح أمر الاعترافِ بحق شعب فلسطين في إقامة دولته أمراً متداولاً، بعدما كان من المحرّمات، ومجردُ ذكره يثير عواصف سياسية هوجاء، كما أعادت قيادة الشعب الفلسطيني إلى أرضها، حيث أقامت على تخوم القدس، وزَرعت في أرض فلسطين لأول مرة في التاريخ سلطةً وطنيةً فلسطينية، ودشنت فعلياً مشروع قيام الدولة.
أيتها الأخوات أيها الأخوة إن التطورات التي أملتها سنوات الانتفاضةِ الخمسِ الماضية، مضافاً إليها ما شهده العالم من تطورات هائلة نقلته من مقامٍ إلى مقام، أضافت إلى السؤال الذي طرح عام 1988 متى تقوم الدولة؟ سؤالاً آخر لا يقل صعوبة ولا تعقيداً حول حدود وماهية هذه الدولة؟
فتسليم معظم الطبقة السياسية الإسرائيلية، وبضمنها بعض من يحكمون إسرائيل بإقامة الدولة الفلسطينية على أهميته، لا يثير لدينا أي وهم بأن تحويل إعلان دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف على حدود الأراضي التي احتلت عام 1967، من إعلان إلى حقيقة ماثلة على الأرض، مازال يحول دونه التعنت والرفض الإسرائيلي، المدجج بشتى الذرائع، رغم الأسس التي نهضت عليها عملية السلام، بدءاً من مبدأ الأرض مقابل السلام، وتحديد الهدف النهائي لهذه العملية بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وما يعنيه ذلك من انسحاب كامل من الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة عام 1967، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين حسب القرار 194 مروراً بخطة خارطة الطريق، وأخيراً، رؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش القائلة بإقامة دولة فلسطينية متواصلة وقابلة للحياة إلى جوار دولة إسرائيل.
رغم كل ذلك، فإن حكومة إسرائيل انقلبت على جميع هذه القواعد، وما زالت تتصرف على أساس الحلول المنفردة والأحادية، والمؤقتة، وتغييب الشريك الفلسطيني، وتسعى إلى فرض خيار بالغ الخطورة، هو الحل الأحادي المؤقت طويل الأمد، وجوهره إقامة دولة بحدود مؤقتة "دائماً" خاضعة للرقابة الإسرائيلية، تُقطِّعُ أوصالَها المستوطنات، وتحيلها إلى مجردِ معازل وكانتونات.
وعلى النوايا الإسرائيلية هذه قرائن كثيرة. ليس أولها الإصرار على مرور الشعب الفلسطيني بطور الحرب الأهلية، من أجل ما يسمونه تفكيك "الإرهاب" باعتباره شرطاً لبدء أي مفاوضات مستقبلية والاستعاضة عن الانتخابات وبناء سلطة المؤسسات والقانون بنظام "نفاق ديمقراطي" يكّبلُ إرادة الشعب الفلسطيني، ويفرض عليه إملاءات تسلب الديمقراطية جوهرها، مروراً بالزّج بخطة خارطة الطريق في نفق مظلمٍ من التحفظات واللاءات وإدارة الظهر للعودة لطاولة المفاوضات بخاصة المفاوضات المتعلقة بملفات الوضع النهائي القدس، الحدود، الاستيطان واللاجئين، إضافة إلى محاولة تكرار نموذج الانسحاب الأحادي دون مفاوضة الشريك الفلسطيني، ذلك النموذج الذي تم في غزة، على الضفة الغربية.
إخوتي وأخواتي، يا أهلنا في فلسطين وفي الشتات. إن نقل الدولة الفلسطينية من الإعلان بعد سبعة عشر عاماً إلى تحقيقها على الأرض، يتطلب استيلادها من رحم مأزق عملية السلام الذي سببته الاستعصاءات الإسرائيلية البالغة التعقيد، وهو ما يستدعي سلوك دروب وعرة، وسياسات واقعية، لا تكتفي بما لدينا وما نملكه من فائض في الحق، وفي عدالة القضية الفلسطينية، وقدرتنا على إقناع العالم بذلك، ولا تقدم على أسئلة الواقع وتعقيداته، أجوبة تستند إلى شعارات وبلاغات أدبية، ومع ذلك نحن على يقين أن هذه الدولة التي تقف في خضم هذه المرحلة وأسئلتها اللاهبة، ليست مستحيلة. فالشعب الفلسطيني الذي خرق المستحيل ذات مرة حين أطلق ثورته المعاصرة قبل أكثر من أربعين عاماً، عندما كان مجرد جموع من اللاجئين والمشردين، تحول بفضل تضحياته وبطولاته إلى شعب مكافح، دفع عن نفسه خطر الفناء، واجترح معجزة بقائه، وانتزع الاعتراف بحقه في تقرير المصير، وأقر العالم بجدارة هذا الشعب في إقامة دولته العتيدة، وهو قادر على فعل الشيء ذاته وخرق كل المستحيلات في سبيل حقه في الحرية والاستقلال.
فالدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة ليست ضرباً من ضروب المستحيل، حتى وإن تأخر انبلاج فجرها العنيد. فمعركتنا الحقيقية تدور على إقامتها بشروط شعبها المناضل لا بشروط الاحتلال البغيض.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار. الحرية لأسرانا الصامدين في سجون الاحتلال. والتحية إلى شعبنا العظيم الصامد الصابر في الوطن والشتات. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته