لَيالِيَّ بَعدَ الظاعِنينَ شُكولُ طِوالٌ وَلَيلُ العاشِقينَ طَويلُ
2 يُبِنَّ لِيَ البَدرَ الَّذي لا أُريدُهُ وَيُخفينَ بَدراً ما إِلَيهِ سَبيلُ
3 وَما عِشتُ مِن بَعدِ الأَحِبَّةِ سَلوَةً وَلَكِنَّني لِلنائِباتِ حَمولُ
4 وَإِنَّ رَحيلاً واحِداً حالَ بَينَنا وَفي المَوتِ مِن بَعدِ الرَحيلِ رَحيلُ
5 إِذا كانَ شَمُّ الروحِ أَدنى إِلَيكُمُ فَلا بَرِحَتني رَوضَةٌ وَقَبولُ
6 وَما شَرَقي بِالماءِ إِلّا تَذَكُّراً لِماءٍ بِهِ أَهلُ الحَبيبِ نُزولُ
7 يُحَرِّمُهُ لَمعُ الأَسِنَّةِ فَوقَهُ فَلَيسَ لِظَمآنٍ إِلَيهِ وُصولُ
8 أَما في النُجومِ السائِراتِ وَغَيرِها لِعَيني عَلى ضَوءِ الصَباحِ دَليلُ
9 أَلَم يَرَ هَذا اللَيلُ عَينَيكِ رُؤيَتي فَتَظهَرَ فيهِ رِقَّةٌ وَنُحولُ
10 لَقيتُ بِدَربِ القُلَّةِ الفَجرَ لَقيَةً شَفَت كَمَدي وَاللَيلُ فيهِ قَتيلُ
11 وَيَوماً كَأَنَّ الحَسنَ فيهِ عَلامَةٌ بَعَثتِ بِها وَالشَمسُ مِنكِ رَسولُ
12 وَما قَبلَ سَيفِ الدَولَةِ اِثّارَ عاشِقٌ وَلا طُلِبَت عِندَ الظَلامِ ذُحولُ
13 وَلَكِنَّهُ يَأتي بِكُلِّ غَريبَةٍ تَروقُ عَلى اِستِغرابِها وَتَهولُ
14 رَمى الدَربَ بِالجُردِ الجِيادِ إِلى العِدا وَما عَلِموا أَنَّ السِهامَ خُيولُ
15 شَوائِلَ تَشوالَ العَقارِبِ بِالقَنا لَها مَرَحٌ مِن تَحتِهِ وَصَهيلُ
16 وَما هِيَ إِلّا خَطرَةٌ عَرَضَت لَهُ بِحَرّانَ لَبَّتها قَناً وَنُصولُ
17 هُمامٌ إِذا ما هَمَّ أَمضى هُمومَهُ بِأَرعَنَ وَطءُ المَوتِ فيهِ ثَقيلُ
18 وَخَيلٍ بَراها الرَكضُ في كُلِّ بَلدَةٍ إِذا عَرَّسَت فيها فَلَيسَ تَقيلُ
19 فَلَمّا تَجَلّى مِن دَلوكٍ وَصَنجَةٍ عَلَت كُلَّ طَودٍ رايَةٌ وَرَعيلُ
20 عَلى طُرُقٍ فيها عَلى الطُرقِ رِفعَةٌ وَفي ذِكرِها عِندَ الأَنيسِ خُمولُ
21 فَما شَعَروا حَتّى رَأَوها مُغيرَةً قِباحاً وَأَمّا خَلفُها فَجَميلُ
22 سَحائِبُ يُمطِرنَ الحَديدَ عَلَيهِمُ فَكُلُّ مَكانٍ بِالسُيوفِ غَسيلُ
23 وَأَمسى السَبايا يَنتَحِبنَ بِعَرقَةٍ كَأَنَّ جُيوبَ الثاكِلاتِ ذُيولُ
24 وَعادَت فَظَنّوها بِمَوزارَ قُفَّلاً وَلَيسَ لَها إِلّا الدُخولَ قُفولُ
25 فَخاضَت نَجيعَ الجَمعِ خَوضاً كَأَنَّهُ بِكُلِّ نَجيعٍ لَم تَخُضهُ كَفيلُ
26 تُسايِرُها النيرانُ في كُلِّ مَسلَكٍ بِهِ القَومُ صَرعى وَالدِيارُ طُلولُ
27 وَكَرَّت فَمَرَّت في دِماءِ مَلَطيَةٍ مَلَطيَةُ أُمٌّ لِلبَنينِ ثَكولُ
28 وَأَضعَفنَ ما كُلِّفنَهُ مِن قُباقِبٍ فَأَضحى كَأَنَّ الماءَ فيهِ عَليلُ
29 وَرُعنَ بِنا قَلبَ الفُراتِ كَأَنَّما تَخِرُّ عَلَيهِ بِالرِجالِ سُيولُ
30 يُطارِدُ فيهِ مَوجَهُ كُلُّ سابِحٍ سَواءٌ عَلَيهِ غَمرَةٌ وَمَسيلُ