بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ للهِ [1] الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ لِبَاساً [2]، وَالنَّوْمَ سُبَاتَاً [3]، وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورَاً [4].
لَكَ الحَمْدُ أنْ بَعَثْتَنِي مِنْ مَرْقَدِي، وَلَوْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ سَرْمَدَاً، حَمْدَاً دَائِمَاً لا يَنْقَطِعُ أبَدَاً، وَلا يُحْصِي لَهُ الخَلائِقُ عَدَدَاً [5].
اللهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أنْ خَلَقْتَ فَسَوَّيْتَ [6]، وَقَدَّرْتَ وَقَضَيْتَ [7]، وَأمَتَّ وَأحْيَيْتَ، وَأمْرَضْتَ وَشَفَيْتَ [8]، وَعَافَيْتَ وَأبْلَيْتَ [9]، وَعَلَى العَرْشِ اسْتَوَيْتَ [10]، وَعَلَى المُلْكِ احْتَوَيْتَ [11].
أدْعُوكَ دُعَاءَ مَنْ ضَعُفَتْ وَسِيلَتُهُ [12]، وَانْقَطَعَتْ حِيلَتُهُ [13]، وَاقْتَرَبَ أَجَلُهُ، وَتَدانَى فِي الدُّنْيَا أَمَلُهُ [14]، وَاشْتَدَّتْ إلى رَحْمَتِكَ فَاقَتُهُ [15]، وَعَظُمَتْ لِتفْريطِهِ حَسْرَتُهُ [16]، وَكَثُرَتْ زَلَّتُهُ وَعَثْرَتُهُ [17]، وَخَلُصَتْ لِوَجْهِكَ تَوْبَتُهُ [18].
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَعَلَى أهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرِينَ، وَارْزُقْنِي شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عَليْهِ وآلِهِ، وَلا تَحْرمْني صُحْبَتَه، إنَّكَ أنْتَ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ [19].
اللهُمَّ اقْضِ لِي فِي الأرْبَعَاءِ أرْبَعَاً: اجْعَلْ قُوَّتِي فِي طَاعَتِكَ [20]، وَنَشَاطِي فِي عِبَادَتِكَ [21]، وَرَغْبَتي فِي ثَوَابِكَ [22]، وَزُهْدِي فِيمَا يُوجِبُ لِي ألِيمَ عِقَابِكَ [23]. إنَّكَ لَطِيفٌ لِمَا تَشاءُ [24].
بين يدي الدعاء
يشبّه هذا الدعاء النوم بالموت، من حيث هو غياب للإنسان عن الوعي، واليقظة بالنشور والبعث، فيحمد الله سبحانه على هذه النعمة المتجدّدة، والمتثّلة باليقظة بعد النوم، وهو الذي قضى عليه بكلّ أوضاع الحياة، فأماته وأحياه، وأمرضه وشفاه، وعافاه وأبلاه..
وبذلك كان الإنسان هو العبد الضعيف في وسيلته للحصول على ما يريد، والذي يحسّ باقتراب أجله، وتداني أمله من الدنيا للآخرة، واشتداد فاقته إلى رحمة الله، وهو الذي خلصت توبته له..
أطلب إليك ـ يا ربّ ـ أمام هذه الحقيقة الوجدانيّة الصادقة، أن تشفّع محمّداً، بما منحته من كرامة الشفاعة، وأن توفّقني لصحبته في دار الخلد عندك، انطلاقاً من إيماني برسالته، ومحبّتي له.
وأستوحي من كلمة الأربعاء أربعة طلبات حاسمة:
اجعل قوّتي تتوجّه إلى طاعتك، ونشاطي إلى عبادتك، وتوجّه نفسي ورغبتي للحصول على ثوابك، واجعل زهدي في كلّ ما يُبعدني عنك، ويوقعني في أليم عقابك.